Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 13-19)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الله تعالى : { هُوَ ٱلَّذِى يُرِيكُمْ ءايَـٰتِهِ } يعني : عجائبه ودلائله من خلق السموات والأرض ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، وذلك أنه لما ذكر ما يصيبهم يوم القيامة ، عظم نفسه تعالى ، ثم ذكر لأهل مكة من الدلائل ليؤمنوا به فقال هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ { وَيُنَزّلُ لَكُم مّنَ ٱلسَّمَاء رِزْقاً } يعني المطر ، ويقال الملائكة لتدبير الرزق { وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } يعني ما يتعظ بالقرآن إلا من يقبل إليه بالطاعة ، ويقال وما يتذكر في هذا الصنيع فيوحد الرب إلا من يرجع إليه { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ } يعني اعبدوه بالإخلاص { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } يعني وإن شق ذلك على المشركين الكافرين { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَـٰتِ } يعني رافع وخالق السماوات ، أي مطبقاً بعضها فوق بعض ، ويقال : هو رافع الدرجات في الدنيا بالمنازل وفي الآخرة الجنة ذو الدرجات { ذُو ٱلْعَرْشِ } يعني رافع العرش ، ويقال : خالق العرش ، هو رب العرش { يُلْقِى ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ } يعني ينزل جبريل بالوحي { عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - { لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } يعني ليخوف بالقرآن ، وقرأ الحسن لتنذر بالتاء على معنى المخاطبة ، يعني لتنذر يا محمد ، وقراءة العامة بالياء ، يعني لينذر الله ، ويقال : لينذر من أنزل عليه الوحي ، يوم التلاق ، قرأ ابن كثير يَوْمَ التَّلاَقِي بالياء ، وهي إحدى الروايتين عن نافع ، والباقون بغير ياء ، فمن قرأ بالياء فهو الأصل ، ومن قرأ بغير ياء فلأن الكسر يدل عليه ، وقال في رواية الكلبي يَوْمَ التَّلاَقِ يوم يلتقي أهل السماوات ، وأهل الأرض ، ويقال يوم يلتقي الخصم والمخصوم { يَوْمَ هُم بَـٰرِزُونَ } أي ظاهرين خارجين من قبورهم { لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَىْء } يعني من أعمال أهل السماوات وأهل الأرض { لّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } قال بعضهم : هذا بين النفختين يقول الرب تبارك وتعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْم ؟ فلا يجيبه أحد ، فيقول لنفسه { للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } قال بعضهم إن ذلك لأهل الجمع يوم القيامة ، يقول لمن الملك اليوم ، فأقر الخلائق كلهم وقالوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ يقول الله تعالى { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ } يعني بما عملت في الدنيا من خير أو شر { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } وقد ذكرناه { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ } يعني خوفهم بيوم القيامة ، فسمي الأزفة لقربه ، ويقال أزف شخوص فلان يعني قرب ، كما قال أَزِفَتِ الآزفة ثم قال { إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ } من الخوف لا تخرج ، ولا تعود إلى مكانها { كَـٰظِمِينَ } أي مغمومين ، يتردد خوفهم في أجوافهم { مَا لِلظَّـٰلِمِينَ } يعني المشركين { مِنْ حَمِيمٍ } أي قريب { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } أي له الشفاعة فيهم { يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلأَعْيُنِ } هذا موصول بقوله { لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَىْء } وهو يعلم خائنة الأعين ، وقال أهل اللغة : الخائنة والخيانة واحدة ، كقوله : { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ } [ المائدة : 13 ] وقال مجاهد : خائنة الأعين يعني نظر العين إلى ما نهى الله عنه ، وقال مقاتل الغمزة فيما لا يحل له والنظرة إلى المعصية ، ويقال النظرة بعد النظرة ، وقال قتادة يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ يعني يعلم غمزه بعينه ، وإغماضه فيما لا يحب الله تعالى { وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ } .