Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 28-35)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ } وهو حزبيل بن ميخائيل ، هو ابن عم قارون وكان أبوه من آل فرعون ، وأمه من بني إسرائيل ، ويقال كان ابن فرعون { يَكْتُمُ إِيمَـٰنَهُ } وكان قد أسلم سراً من فرعون ، قوله { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَاءكُمْ بِٱلْبَيّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمْ } يعني اليد والعصا ، وروى الأوزاعي ، عن يحيــــى بن كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عروة بن الزبير قال : قلت لعبد الله بن عمرو حدثني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال « أقبل عقبة بن أبي معيط ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند الكعبة فلوى ثوبه على عنقه ، وخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبيه ودفعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال أبو بكر أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم { وَإِن يَكُ كَـٰذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ } يعني فعليه وبال كذبه ، فلا ينبغي أن تقتلوه بغير حجة ولا برهان { وَإِن يَكُ صَـٰدِقاً } في قوله وكذبتموه { يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِى يَعِدُكُمْ } من العذاب ، يعني بعض ذلك العذاب يصبكم في الدنيا ، ويقال بعض الذي يعدكم فيه أي جميع الذي يعدكم كقوله : { وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } [ الزخرف : 63 ] أي جميع الذي تختلفون فيه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى } يعني لا يرشد ولا يوفق إلى دينه { مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } في قوله { كَذَّابٌ } يعني الذي عادته الكذب { يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } أي ملك مصر { ظَـٰهِرِينَ فِى ٱلأَرْضِ } أي غالبين على أرض مصر { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ } يعني من يعصمنا من عذاب الله { إِن جَاءنَا } يعني أرأيتم إن قتلتم موسى وهو الصادق فمن يمنعنا من عذاب الله ، فلما سمع فرعون قول المؤمن { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَىٰ } يعني ما أريكم من الهدى إلا ما أرى لنفسي ، ويقال : ما آمركم إلا ما رأيت لنفسي أنه حق وصواب { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } يعني ما أدعوكم إلا إلى طريق الهدى ، وقرىء في الشاذ الرَشَّاد بتشديد الشين يعني سبيل الرشاد الذي يرشد الناس ، ويقال رشاد اسم من أسماء أصنامه ، قوله { وَقَالَ ٱلَّذِى ءامَنَ } وهو حزبيل { يٰقَوْمِ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } يعني أخاف عليكم من تكذيبكم مثل عذاب الأمم الخالية { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ } أي مثل عذاب قوم نوح { وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لّلْعِبَادِ } يعني لا يعذبهم بغير ذنب { وَيٰقَوْمِ إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } وهو من نَدَّ يَند ، وهو من تنادى يتنادى تنادياً ، وروى أبو صالح عن ابن عباس أنه قرأ يوم التناد بتشديد الدال وقال تندون كما تند الإبل ، وهذا موافق لما بعده ، { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } وكقوله : { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [ عبس : 34 ، 35 ] . وقرأ الحسن يَوْمَ التَّنَادِي بالياء وهو من النداء ، يوم ينادى كل قوم بأعمالهم ، وينادي المنادى من مكان بعيد ، وينادي أهل النار أهل الجنة ، وينادي أهل الجنة أهل النار { أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا } [ الأعراف : 44 ] وقراءة العامة التناد بالتخفيف بغير ياء ، وأصله الياء فحذف الياء لأن الكسرة تدل عليه ، وقوله : { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي هاربين قال الكلبي : هاربين إذا انطلق بهم إلى النار فعاينوها هربوا ، فيقال لهم { مَا لَكُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي ليس لكم من عذاب الله من مانع ، وقال مقاتل { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي ذاهبين بعد الحساب إلى النار ، كقوله : { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } أي ذاهبين { مَا لَكُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } يعني من مانع من عذابه { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } عن الهدى { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يعني من مرشد وموفق { وَلَقَدْ جَاءكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيّنَـٰتِ } هذا قول حزبيل أيضاً لقوم فرعون قال { وَلَقَدْ جَاءكُـمْ يُوسُفُ } ويقال يعني به أهل مصر وهم الذين قبل فرعون ، لأن القرون الذين كانوا في زمن فرعون لم يروا يوسف ، وهذا كما قال تعالى : { فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ } [ البقرة : 91 ] وإنما أراد به آباءهم ( بالبينات ) أي بتعبير الرؤيا وروي عن وهب بن منبه قال : فرعون موسى : هو الذي كان في زمن يوسف وعاش إلى وقت موسى ، وهذا خلاف قول جميع المفسرين { فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكّ مّمَّا جَاءكُـمْ بِهِ } من تصديق الرؤيا وبما أخبركم { حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ } يعني مات { قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } يقول الله تعالى { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } يعني من هو مشرك شاك في توحيد الله ، ثم وصفهم فقال { ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَـٰنٍ } أي بغير حجة { أَتَـٰهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ } أي عظم بغضاً لهم من الله { وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني عند المؤمنين { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ } أي يختم الله بالكفر { عَلَىٰ كُـلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبَّارٍ } يعني متكبر عن عبادة الله تعالى ، قرأ أبو عمرو قَلْبِ مُتَكَبِّر بالتنوين ، جعل قوله متكبر نعتاً للقلب ، ومعناه أن صاحبه متكبر ، والباقون قلبِ مُتَكَبِّرِ بغير تنوين على معنى الإضافة ، لأن المتكبر هو الرجل وأضاف القلب إليه .