Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 77-85)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } يعني : اصبر يا محمد على أذى الكفار إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ أي كائن { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ } من العذاب ، يعني فإما نرينك بعض الذي نعدهم من العذاب في الدنيا ، وهو القتل والهزيمة { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } من قبل أن نرينك عذابهم في الدنيا { فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } يعني : يرجعون إلينا في الآخرة فنجزيهم بأعمالهم { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ } يعني : إلى قومهم { مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ } يعني : سميناهم لك فأنت تعرفهم { وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } يعني : لم نسمهم لك ، ولم نخبرك بهم ، يعني أنهم صبروا على أذاهم ، فاصبر أنت يا محمد على أذى قومك كما صبروا { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِـئَايَةٍ } أي ما كان لرسول من القدرة أن يأتي بآية ، أي بدلائل وبراهين { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } يعني : بأمره { فَإِذَا جَـاء أَمْرُ ٱللَّهِ } يعني : بالعذاب { قُضِىَ بِٱلْحَقِّ } أي : عذبوا ولم يظلموا حين عذبوا { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ } أي خسر عند ذلك المبطلون ، يعني المشركون ، ويقال يعني الظالمون ، ويقال الخاسرون ، ثم ذكر صنعه ليعتبروا فقال { ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَنْعَـٰمَ } يعني : خلق لكم البقر والغنم والإبل { لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا } أي بعضها وهو الإبل { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي : من الأنعام منافع ، في ظهورها ، وشعورها ، وشرب ألبانها { وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ } أي : ما في قلوبكم من بلد إلى بلد { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } يعني : على الأنعام وعلى السفن { وَيُرِيكُمْ ءايَـٰتِهِ } يعني : دلائله وعجائبه { فَأَيَّ آيَاتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ } بأنها ليست من الله { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } يعني : يسافروا في الأرض { فَيَنظُرُواْ } أي : فيعتبروا { كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يعني : آخر أمر من كان قبلهم كيف فعلنا بهم حين كذبوا رسلهم { كَانُواْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ } يعني : أكثر من قومك في العدد { وَأَشَدَّ قُوَّةً } من قومك { وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ } يعني : مصانعهم أعظم آثاراً في الأرض وأطول أعماراً ، وأكثر ملكاً في الأرض { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يعني : لم ينفعهم ما عملوا في الدنيا حين نزل بهم العذاب { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ } بالأمر والنهي ، وبخبر العذاب { فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ ٱلْعِلْمِ } يعني : من قلة علمهم ، رضوا بما عندهم من العلم ، ولم ينظروا إلى دلائل الرسل ، ويقال رضوا بما عندهم فقالوا : لن نعذب ، ولن نبعث ، ويقال فرحوا بما عندهم من العلم ، أي علم التجارة كقوله : يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا ، { وَحَاقَ بِهِم } أي نزل بهم { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } أي : يسخرون به ويقولون أنه غير نازل بهم { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } أي عذابنا في الدنيا { قَالُواْ ءامَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا } أي تبرأنا { بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } يعني : بما كنا به مشركين من الأوثان { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَـٰنُهُمْ } يعني : تصديقهم { لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } أي : حين رأوا عذابنا ، قال القتبي : البأس الشدة والبأس العذاب كقوله { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } وكقوله : { فَلَمَّا أَحَسُّواْ بأْسَنا } [ الأنبياء : 12 ] ، { سُنَّتُ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ } قال مقاتل : يعني كذلك كانت سنة الله { فِى عِبَادِهِ } يعني العذاب في الأمم الخالية ، إذا عاينوا العذاب لم ينفعهم الإيمان ، وقال القتبي : هكذا سنة الله أنه من كفر عذبه { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } أي : خسر عند ذلك الكافرون بتوحيد الله عز وجل ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم .