Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 30-36)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } يعني : قالوا ربنا الله فعرفوه ، واستقاموا على المعرفة ، وقال القتبي : يعني آمنوا ثم استقاموا على طاعة الله ، وقال ابن عباس في رواية الكلبي : ثم استقاموا على ما افترض الله عليهم ، وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ثم قال : أتدرون ما استقاموا عليه ؟ فقالوا ما هو يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : استقاموا ولم يشركوا ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ثم استقاموا ولم يروغوا روغان الثعلب على طاعة الله ، فقال ابن عباس في رواية القتبي ثم استقاموا ، وعن أبي العالية أنه قال ثم استقاموا أي أخلصوا له الدين والعمل ، ويقال : وحدوا الله تعالى واستقاموا على طاعته ، ولزموا سنة نبيه ، وقال بعض المتأخرين : معناه ثم استقاموا أفعالاً كما استقاموا أقوالاً ، وقد قيل أيضاً { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } يعني : يقولون الله مانعنا ومعطينا ، وضارنا ونافعنا { ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } على ذلك القول ، ولا يرون النفع ولا يرجون من أحد دون الله تعالى ، ولا يخافون أحداً دون الله ، فذكر أعمالهم ، ثم ذكر ثوابهم فقال { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } قال الكلبي يعني : تتنزل عليهم الملائكة عند قبض أرواحهم ويبشرونهم ويقولون { أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ } يعني : لا تخافوا ما أمامكم من العذاب ، ولا تحزنوا على ما خلفكم من الدنيا ، وقال مقاتل : تتنزل عليهم الملائكة يعني : تتنزل عليهم الحفظة من السماء يوم القيامة فتقول له أتعرفني ؟ فيقول لا . فيقول : أنا الذي كنت أكتب عملك ، وبشره بالجنة فذلك قوله : { وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } في الدنيا ، وقال زيد بن أسلم البشرى في ثلاث مواطن : عند الموت ، وفي القبر وفي البعث ، وقال بعض المتأخرين : هذه البشرى للخائف الحزين لا للآمن المستبشر ، يعني : الذي كان خائفاً في الدنيا ثم قال عز وجل : { نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَاةِ } يعني : تقول لهم الحفظة نحن كنا أولياءكم في الحياة الدنيا ، ونحن أولياؤكم { وَفِى ٱلأَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ } يعني : لكم في الجنة ما تحب وتتمنى قلوبكم { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } يعني : تسألون ثم قال : { نُزُلاً } أي رزقاً { مّنْ غَفُورٍ } للذنوب العظام { رَّحِيمٌ } بالمؤمنين ، حكى الزجاج عن الأخفش " نُزُلاً " منصوباً من وجهين : أحدهما على المصدر فمعناه : أنزلناه نزلا ، ويجوز أن يكون على الحال قوله تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً } قال بعضهم الآية نزلت في شأن المؤذنين ، يدعون الناس إلى الصلاة ، { وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً } يعني : صلى بين الأذان والإقامة ويقال : الأنبياء يدعون الخلق إلى توحيد الله تعالى ، وعمل صالحاً : يعني : الطاعات ، ويقال العلماء يعلمون الناس أمور دينهم ، ويدعونهم إلى طريق الآخرة ، وعمل صالحاً : يعني عملوا بالعلم ، ويقال نزلت الآية : في الآمرين بالمعروف ، والناهين عن المنكر يعني : يأمرون بالمعروف ويعملون به ، ويصبرون على ما أصابهم ، قوله : { وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } يعني : أكون على دين الإسلام ، لأنه لا تقبل طاعة بغير دين الإسلام فقال عز وجل : { وَلاَ تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيّئَةُ } قال الزجاج : لا زائدة مؤكدة ، والمعنى لا تستوي الحسنة والسيئة ، يعني : لا تَستَوي الطاعة والمعصية ، ولا يستوي الكفر والإيمان ، ويقال : لا يستوي البصير والأعمى ، ويقال : لا يستوي الصبر والجزع ، واحتمال الأذى والإساءة ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤذيه أبو جهل لعنة الله عليه ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره رؤيته بُغْضاً له ، فأمره الله تعالى بالعفو والصفح فقال : { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } يعني : ادفع بالكلمة الحسنة الكلمة القبيحة { فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ } يعني : إذا فعلت ذلك يصير الذي بينك وبينه عداوة بمنزلة القرابة في النسب قوله تعالى : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } يعني : الكلمة الحسنة ، ودفع السيئة ما يعطاها إلا الذين صبروا على طاعة الله ، وأداء الفرائض { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ } يعني : ذو نصيب وافر في الآخرة ، ويقال { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } يعني : بقول لا إلٰه إلا الله ، السيئة : يعني الشرك ، وما يلقاها إِلاَّ الذين صبروا : على كظم الغيظ ثم قال : { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ } يعني : يصيبك { مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ } يعني : وسوسة على الإحتمال { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } من شره ، وامض على احتمالك ، وقال مقاتل : { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ } يعني : يفتتنك { مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ } أي فتنة ، وقال الكلبي الذنب عند دفع السيئة ، ويقال { يَنَزَغَنَّكَ } يعني : يغوينك { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } يعني تعوذ بالله { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } للإستعاذة { ٱلْعَلِيمُ } بقول الكفار وعقوبتهم .