Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 51-54)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَـٰنِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } يعني : أعرض الكافر فلا يدعو ربه ، وقال الكلبي أعرض عن الإيمان { وَنَأَى بِجَانِبِهِ } يعني : تباعد بجانبه عن الدعاء ، وعن الإيمان { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ } يعني : أصابته الشدة { فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } قال مقاتل والكلبي يعني كثيراً ، ويقال يعني طويلاً ، فإن قيل قد قال في موضع { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَؤوسٌ قَنُوطٌ } وقال في موضع آخر { فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } مرة ذكر أنه يَؤُوس ومرة أُخرى ذكر أنه يدعو فكيف هذا ؟ قيل له : هذا في شأن رجل ، وهذا في شأن رجل آخر ، ويجوز أن يكون في شأن إنسان واحد { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَؤوسٌ قَنُوطٌ } عن كل معبود دون الله فيدعو الله دائماً ، فقال عز وجل : { قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } يعني : إن كان هذا الكتاب من عند الله { ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ } يعني : جحدتم أنه ليس من عند الله ماذا تقولون ؟ وماذا تجيبون ؟ وماذا تحتالون إذا نزل بكم العذاب يوم القيامة ؟ { مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ } أي : في خلاف طويل بعيد عن الحق قوله تعالى : { سَنُرِيهِمْ ءايَـٰتِنَا فِى ٱلآفَاقِ } يعني : عذابنا في البلاد ، مثل هلاك عاد وثمود وقوم لوط وهم يرون إذا سافروا آثارهم وديارهم { وَفِى أَنفُسِهِمْ } يبتلون بأنفسهم من البلايا ، ويقال : من قتل أصحابهم الكفار في الحرب { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } يعني : إن الذي قلت هو الحق فيصدقونك وقال مجاهد { سَنُرِيهِمْ ءايَـٰتِنَا فِى ٱلآفَاقِ } يعني : ما يفتح الله عليهم من القرى { وَفِى أَنفُسِهِمْ } قال فتح مكة ، وقال الضحاك معناه : أن أبا جهل ، قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ائتنا بعلامة فانشق القمر نصفين ، فقال أبو جهل للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن كان القمر قد انشق فهي آية ، ثم قال يا معشر قريش إن محمداً قد سحر القمر ، فوجهوا رسلكم إلى الآفاق هل عاينوا القمر إنْ كان كذلك فهي آية ، وإلا فذلك سحر ، فوجهوا فإذا أهل الآفاق يتحدثون بانشقاقه فقال أبو جهل عليه اللعنة : ( هَذَا سِحْرٌ مُسْتَمِر ) يعني : ذاهباً في الدنيا ، فنزل { سَنُرِيهِمْ ءايَـٰتِنَا فِى ٱلآفَاقِ وفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } وقال بعض المتأخرين سنريهم أياتنا في الآفاق ما وضع في العالم من الدلائل ، وفي أنفسهم : ما وضع فيها من الدلائل التي تدل على وحدانية الله تعالى ، وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسول صادق ينطق بالوحي فيما يقول ، وهذا كما قال : { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } [ الذاريات : 20 ، 21 ] قوله تعالى : { أَوَ لَم يَكْفِ بِرَبّكَ } شاهداً أن القرآن من الله تعالى : { أَنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء شَهِيدٌ } أي : عالم بأعمالهم ، بالبعث وغيره ، وقال الكلبي { أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ } يعني : أنه قد أخبرهم بذلك وَإن لم يسافروا ويقال : { أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ } ومعنى : الكفاية هٰهنا : أنه قد بين لهم ما فيه كفاية بالدلالة على توحيده وتثبيت رسله ثم قال : { أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَةٍ مّن لّقَاء رَبّهِمْ } ألا : كلمة تنبيه يعني : اعلم أنهم في شك من البعث { أَلاَ إِنَّهُ بِكُلّ شَىْء مُّحِيطُ } يعني : ألا إن الله تعالى عالم بأعمالهم وعقوبتهم ، والإحاطة : إدراك الشيء بكماله ، يعني : أحاط علمه سبحانه وتعالى بكل شيء من البعث وغيره ، والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده وآله وسلم .