Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 24-30)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } يعني تقوله من ذات نفسه ولم يأمره الله تعالى ، قال الله تعالى { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } يعني يحفظ قلبك حتى لا تدخل في قلبك المشقة والأذى من قولهم { وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَـٰطِلَ } يعني يهلك الله تعالى الشرك { وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ } يعني يظهر دينه الإسلام { بِكَلِمَـٰتِهِ } يعني بتحقيقه وبنصرته وبالقرآن { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } يعني يعلم ما في قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - من الحزن ، ويعلم ما في قلوب الكافرين من التكذيب قوله تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِى يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ ٱلسَّيّئَـٰتِ } حتى يتجاوز عما عملوا قبل التوبة ، وروى عبد العزيز بن إسماعيل ، عن محمد بن مطرف قال : " يقول الله تعالى : وَيْحَ ابْنَ آدَمَ يُذْنِب الذَّنْبَ ، ثُمَّ يَسْتَغْفِر فَأغْفِرَ لَهُ ، ثُمَّ يُذْنِبُ ذَنْباً ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ فأغْفِر لَهُ ، ثُمَّ يُذْنِبُ ذَنْباً ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ فَأغْفِرَ لَهُ لاَ هُوَ يَتْرك ذُنُوبَهُ ، وَلاَ هُوَ يَيْأس مِن رَّحْمَتِي ، أشْهَدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ " { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } من خير أو شر ، قرأ حمزة والكسائي وعاصم ، في رواية حفص ( تفعلون ) بالتاء على معنى المخاطبة والباقون بالياء على معنى الخبر عنهم { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } يعني يجيب دعاءهم ، ويعطيهم أكثر ما سألوا من المغفرة { وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ } يعني يزيدهم على أعمالهم من الثواب ويقال يعطيهم الثواب في الجنة أكثر مما سألوا { وَٱلْكَـٰفِرِينَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } يعني دائماً لا يقتر عنهم قوله تعالى { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرّزْقَ لِعِبَادِهِ } يعني لو وسع الله تعالى عليهم المال { لَبَغَوْاْ } أي لطغوا { فِى ٱلأَرْضِ } وعصوا { وَلَـٰكِن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء } يعني يوسع على كل إنسان بمقدار صلاحه في ذلك ، قال أبو الليث رحمه الله : حدّثنا أبو القاسم حمزة بن محمد قال حدثنا أبو القاسم أحمد بن حمزة قال حدثنا نصر بن يحيـى قال سمعت شقيق بن إبراهيم الزاهد يقول { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى ٱلأَرْضِ } قال لو أن الله تعالى رزق العباد من غير كسب لتفرغوا ، وتفاسدوا في الأرض ، ولكن شغلهم بالكسب حتى لا يتفرغوا للفساد ، ثم قال { إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ } يعني بالبر والفاجر ، والمؤمن والكافر ، ويقال يعني عالم بصلاح كل واحد منهم قوله تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِى يُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ } يعني المطر { مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } أي حبس عنهم { وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } يعني المطر { وَهُوَ ٱلْوَلِىُّ ٱلْحَمِيدُ } يعني الولي للمطر يرسله مرة بعد مرة ، الحميد يعني أهل أن يحمد على صنعه قوله عز وجل { وَمِنْ ءايَـٰتِهِ } يعني من علامات وحدانيته { خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } يعني خلقين عظيمين لا يقدر عليهما بنو آدم ، ولا غيرهم { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ } يعني ما خلق في السماوات والأرض من خلق أو بشر فيهما { وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } يعني على إحيائهم للبعث { إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ } يعني قادر على ذلك ، ويقال { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ } يعني في الأرض خاصة ، كما قال : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ الرحمن : 22 ] يعني من أحدهما ثم قال { وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ } يعني : ما تصابون من مصيبة في أنفسكم وأموالكم { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } يعني يصيبكم بأعمالكم ومعاصيكم { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } يعني ما عفى الله عنه فهو أكثر ، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال « ألا أخبركم بأرجى آية في كتاب الله أنزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالوا بلى ، فقرأ عليهم { وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } قال : فالمصائب في الدنيا بكسب الأيدي ، وما عفى الله تعالى عنه في الدنيا ولم يعاقب فهو أجود وأمجد ، وأكرم من أن يعذب فيه يوم القيامة ، وعن الضحاك قال : ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه ، إلا بذنب ، ثم قرأ { وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن ، قرأ نافع وابن عامر « بما كسبت أيديكم » بحذف الفاء ويكون [ ما ] : بمعنى الذي ، ومعناه الذي أصابكم وقع بما كسبت أيديكم ، وقرأ الباقون ( فَبِمَا كَسَبَتْ ) بالفاء ، وتكون الفاء جواب الشرط ، ومعناه ما يصيبكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ، ثم قال : { وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى ٱلأَرْضِ … }