Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 36-42)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَمَا أُوتِيتُمْ مّن شَىْء } يعني ما أعطيتم من الدنيا { فَمَتَـٰعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي منفعة الحياة الدنيا { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } أي ما عند الله في الآخرة من الثواب والكرامة خير وأبقى يعني أدوم ، ثم بين لمن يكون ذلك الثواب فقال : { لِلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي يثقون به تعالى ويفوضون الأمر إليه قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَـٰئِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوٰحِشَ } وهذا نعت المؤمنين أيضاً الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ، قرأ حمزة والكسائي ( كَبِير الإثْمِ ) بغير ألف بلفظ الواحد ، لأن الواحد يدل على الجمع ، والباقون ( كبائر ) وهو جمع كبيرة ، والكبيرة : ما أوجب الله تعالى الحد عليها في الدنيا ، أو العذاب في الآخرة ، ثم قال { وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } يعني : إذا غضبوا على أحد يتجاوزون ، ويكظمون الغيظ ثم قال : { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبّهِمْ } يعني أجابوا وأطاعوا ربهم فيما يدعوهم إليه ويأمرهم به { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } يعني أتموا الصلوات الخمس في مواقيتها { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } يعني إذا أرادوا حاجة تشاوروا فيما بينهم ، وروي عن الحسن أنه قال : هم الذين إذا حزبهم أمر استشاروا أُولي الرأي منهم { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } يعني يتصدقون في طاعة الله ثم قال { وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ } يعني الظلم { هُمْ يَنتَصِرُونَ } أي ينتقمون ويقتصون روى سفيان عن منصور عن إبراهيم أنه قال كانوا يكرهون أن يستذلوا ، ويحبون العفو إذا قدروا ، قوله تعالى { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } يعني يعاقب مثل عقوبته لغيره { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ } يعني عفا عن مظلمته ، وأصلح بالعفو { فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ } يعني ثوابه على الله { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني لمن يبدأ بالظلم ، روي عن زيد بن أسلم أنه قال : كانوا ثلاث فرق ، فرقة بالمدينة ، وفرقتان بمكة ، إحداهم تصبر على الأذى ، والثانية تنتصر والثالثة تكظم ، فنزلت الآية { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبّهِمْ } نزلت في الذين بالمدينة { وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } نزلت في الذين ينتصرون ، وقوله { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ } نزلت في الذين يصبرون ، فأثنى الله تعالى عليهم جميعاً قوله عز وجل { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ } ثم نزل في الظالمين { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } " وذكر أن أبا بكر رضي الله عنه ، كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورجل من المنافقين يسبه وأبو بكر رضي الله عنه لم يجبه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساكت يبتسم ، فأجابه أبو بكر ، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وذهب ، فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما دام يسبني كنت جالساً ، فلما أجبته قمت ، فقال - عليه السلام - إن الملك كان يجيبه عنك ، فلما أجبته ذهب الملك وجاء الشيطان ، وأنا لا أجلس في مجلس يكون فيه الشيطان " فنزل { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ } وروى محمد بن المنكدر قال : ينادي المنادي يوم القيامة من كان له عند الله حق فليقم ، قال : فيقوم من عفا وأصلح ، قوله عز وجل : { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } يعني انتصف بعد ظلمه واقتص منه { فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ } يعني من مأثم ، وقال قتادة : هذا فيما يكون بين الناس من القصاص ، فأما لو ظلمك لا يحل لك أن تظلمه ، يعني فيما لا يحتمل القصاص وقال الحسن : يعني إذا قال لعنك الله ، أن تقول له يلعنك الله وإذا سبك فلك أن تسبه ، ما لم يكن فيه حد ، أو كلمة لا تصلح ، ثم قال تعالى : { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ } يعني الإثم والحرج { عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } يعني يبدؤون بالظلم { وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } يعني ويظلمون في الأرض ، ويعملون المعاصي { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } يعني وجيع .