Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 51-53)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ } يعني : لأحد من خلق الله { أَن يُكَلّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً } يعني يرسل إليه جبريل ليقرأ عليه ، ويقال : إلا وحياً يعني إلهاماً ، ويقال يسمع الصوت فيفهمه ، وذلك أن اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يكلمك الله ، أو ينظر إليك إن كنت نبياً ، كما كلم موسى فنزل { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ ٱللَّهُ } يعني ما جاز لأحد من الآدميين أن يكلمه الله إلا وحياً ، يعني يسمع الصوت أو يرى في المنام ، ولا يجوز أن يكلمه مواجهة عياناً في الدنيا { أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } فيكلمه كما كلم موسى { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً } كما أرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - { فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء } يعني فيرسل بأمره ، ويقال : بإذنه ما يشاء من أمره ، قرأ نافع وابن عامر ( أَوْ يُرْسِلُ ) بضم اللام ، وقرأ الباقون بالنصب ، فمن قرأ بالضم فمعناه : أو هو يرسل رسولاً ، ومن قرأ بالنصب فعلى الإضمار أيضاً ومعناه أو يرسل رسولاً ( فَيُوحِي ) قرأ نافع وابن عامر فيوحي بسكون الياء ، ومعناه أو هو يرسل رسولاً فيوحي ، وقرأ الباقون بالنصب ( فَيُوحِيَ ) لإضمار أن { إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ } يعني أعلى من أن يكلم أحداً في الدينا مواجهة ، ولا يراه فيها أحد عياناً { حَكِيمٌ } حكم ألا يكلم أحداً في المواجهة ، ولا يراه أحد قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } يعني جبريل بأمرنا ، ويقال أوحينا إليك روحاً يعني القرآن ، وقال القتبي : الروح روح الأجسام ، ويسمى كلام الله تعالى روحاً لأن فيه حياة من الجهل وموت الكفر ، كما قال : { يُلْقِى ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } [ غافر : 15 ] ثم قال : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } { مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَـٰبُ وَلاَ ٱلإِيمَـٰنُ } يعني ما كنت تدري قبل الوحي أن تقرأ القرآن ، ولا تدري كيف تدعو الخلق إلى الإيمان { وَلَـٰكِن جَعَلْنَـٰهُ نُوراً } يعني أنزلنا جبريل بالقرآن ضياءً من العمى ، وبياناً من الضلالة ، فإن قيل : سبق ذكر الكتاب والإيمان ، ثم قال { وَلَـٰكِن جَعَلْنَـٰهُ نُوراً } ولم يقل جعلناهما ؟ قيل له : لأن المعنى هو الكتاب وهو دليل على الإيمان ، ويقال : لأن شأنهما واحد ، كقوله : { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ءَايَةً } [ المؤمنون : 50 ] ولم يقل آيتين ، ويقال { وَلَـٰكِن جَعَلْنَـٰهُ نُوراً } يعني الإيمان كناية عنه ، ولأنه أقرب { نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا } يعني نوفق من نشاء للهدى من كان أهلاً لذلك { وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } يعني لتدعو الخلق إلى دين الإسلام قوله عز وجل { صِرٰطِ ٱللَّهِ } يعني دين الله { ٱلَّذِى لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من خلق { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } أي ترجع إليه عواقب الأمور . والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً .