Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 33-39)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً } يقول : لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة المال وقال الحسن لولا أن يتتابعوا في الكفر { لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مّن فِضَّةٍ } وهي سماء البيت { وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } يعني : الدرج عليها يرتقون ويرتفعون ، وقال الزجاج : يصلح أن يكون لبيوتهم بدلاً من قوله { لِمَن يَكْفُرُ } ويكون المعنى لجعلنا لبيوت من يكفر بالرحمن ، ويصلح أن يكون معناه لجعلنا لمن يكفر بالرحمن على بيوتهم ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو « لِبُيُوتِهِم سَقْفاً » بنصب السين وجزم القاف ويكون عبارة عن الواحد فدل على الجمع ، والمعنى لجعلنا لبيت كل واحد منهم سقفاً من فضة ، وقرأ الباقون سُقُفاً بالضم على معنى الجمع ، ويقال سقف ومسقف مثل رهن ورهن ، قوله تعالى : { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوٰباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } يعني : يجلسون وينامون { وَزُخْرُفاً } وهو الذهب يعني : لجعلنا هذا كله من ذهب وفضة ، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لَوْلاَ أنْ يَجْزَعَ عَبْدِي المُؤْمن ، لَعَصَّبْتُ الكَافِرَ بِعِصَابةٍ مِن حَدِيدٍ وَلَصَبَبْتُ عَلَيه الدُّنْيَا صَبّاً " وإنما أراد بعصابة الحديد كناية عن صحة البدن يعني : لا يصدع رأسه ، ثم أخبر أن ذلك كله مما يفنى فقال : { وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَـٰعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } وما : ها هنا زيادة ، ومعناه وإن كل ذلك لمتاع ، ويقال وما ذلك إلا متاع الحياة الدنيا يفنى ولا يبقى { وَٱلآخِرَةُ } يعني : الجنة للذين يتقون الشرك ، والمعاصي والفواحش قرأ عاصم وابن عامر في رواية هشام { وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا } بتشديد الميم ، وقرأ الباقون بالتخفيف ، فمن قرأ بالتخفيف فما : للصلة والتأكيد ، ومن قرأ بالتشديد فمعناه وما كل ذلك إلا متاع ، وقال مجاهد كنت لا أعلم ( ما ) الزخرف ، حتى سمعت في قراءة عبد الله بيتاً من ذهب ، قوله تعالى : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } قال الكلبي يعني : يعرض عن الإيمان والقرآن ، يعني لا يؤمن ، ويقال : من يعمى بصره عن ذكر الرحمن ، وقال أبو عبيدة : من يظلم بصره عن ذكر الرحمٰن { نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً } يعني : نسيب له شيطاناً مجازاة لإعراضه عن ذكر الله ، ويقال نسلط عليه ، ويقال نقدر له ، ويقال نجعل له شيطاناً { فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } يعني : يكون له صاحباً في الدنيا فيزين له الضلالة ، ويقال فهو له قرين يعني قرينه في سلسلة واحدة لا يفارقه يعني في النار ، وروي عن سفيان بن عيينة أنه قال : ليس مثل من أمثال العرب إلا وأصله في كتاب الله تعالى ، قيل له : من أين قول الناس أعطى أخاك تمرة ، فإن أبى فجمرة . فقال قوله : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً } الآية { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } يعني : الشياطين يصرفونهم عن الدين { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } يعني : الكفار يظنون أنهم على الحق { حَتَّىٰ إِذَا جَاءنَا } قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر ، وعاصم في رواية أبي بكر ( جَانَا ) بالمد بلفظ التثنية يعني الكافر وشيطانه الذي هو قرينه ، وقرأ الباقون ( جَاءنَا ) بغير مد يعني الكافر يقول لقرينه { قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ } يعني : ما بين المشرق والمغرب ، ويقال بين مشرق الشتاء ومشرق الصيف { فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } يعني : بئس الصاحب معه في النار ، ويقال هذا قول الله تعالى : { فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } يعني : بئس الصاحب معه في النار ، ويقال هذا قول الكافر يعني : بئس الصاحب كنت أنت في الدنيا وبئس الصاحب اليوم ، فيقول الله تعالى : { وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ } الاعتذار { إِذ ظَّلَمْتُمْ } يعني : كفرتم وأشركتم في الدنيا { أَنَّكُمْ فِى ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } يعني : أنكم جميعاً في النار التابع والمتبوع في العذاب سواء . قوله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِى ٱلْعُمْىَ … } .