Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 57-58)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً } يعني الذين آمنوا بلسانهم ولم يؤمنوا بقلوبهم . ويقال : أراد به المخلصين نهاهم الله تعالى عن ولاية الكفار . وروى محمد بن إسحق بإسناده عن عبد الله بن عباس قال : كان « رفاعة بن زيد بن تابوت وسويد بن الحارث » قد أظهرا الإسلام ونافقا وكان رجال من المسلمين يوادونهما فأنزل الله تعالى : { لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ } الإسلام { هُزُواً وَلَعِباً } يعني سخرية وباطلاً { مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ } يعني مشركي العرب . قرأ أبو عمرو والكسائي : ( والكفار ) بالخفض وقرأ الباقون : بالنصب ، فمن قرأ بالخفض فمعناه من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ، ومن الكفار أولياء ، ومن قرأ بالنصب فهو معطوف على قوله : { لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوا ٱلْكُفَّار أَوْلِيَاءَ } ثم قال : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } يعني إن كنتم مؤمنين فلا تتخذوا الكفار أولياء . قوله تعالى : { وَإِذَا نَـٰدَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلَـٰوةِ } يعني إذا أذن المؤذن للصلاة وإنما أضاف النداء إلى جميع المسلمين لأن المؤذن يؤذن لهم ويناديهم فأضاف إليهم ، فقال : وإذا ناديتم إلى الصلاة { ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً } يعني الكفار إذا سمعوا الأذان استهزؤوا به وإذا رأوهم ركعاً وسجداً ضحكوا واستهزؤوا بذلك { ذٰلِكَ } الاستهزاء { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } يعني لا يعلمون ثوابه . وقال الضحاك : سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل وقال : من أَتَّخِذُه مؤذِّناً ؟ قال : يا محمد عليك بالعبد الأسود فإنه مشهود في الملائكة وجهير الصوت ، وأحبّ المؤذنين إلى الله تعالى . فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالاً وعلمه الأذان وأمره أن يصعد سطح المسجد ويؤذن فلما أذن سخر منه أهل النفاق وأهل الشرك وكذلك يوم فتح مكة أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤذن على ظهر الكعبة فسخر منه كفار الأعراب وجهالهم فنزل قوله تعالى : { وَإِذَا نَـٰدَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلَـٰوةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً } يعني المنافقين واليهود ومشركي العرب . وروى أسباط عن السدي قال : كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المؤذن يقول : أشهد أن محمداً رسول الله قال : حرق الله الكاذب فدخلت خادمته ليلة من الليالي بنار وهم نيام فسقطت شرارة في البيت فاحترق البيت واحترق هو وأهله ، واستجيب دعاه في نفسه . وروي عن ابن عباس هذه الحكاية نحو هذا ، إلا أنه ذكر اليهودي .