Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 69-71)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِئُونَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } . قال في رواية الكلبي : هم قوم آمنوا بعيسى ولم يؤمنوا بغيره ولم يرجعوا ، ويقال إن الذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون ويقال : في الآية تقديم ، يعني { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } من آمن من اليهود والنصارى والصابئين { وَعَمِلَ صَـٰلِحاً } فلهم أجرهم عند ربهم . وقال : في هذه السورة ( والصابئون ) وقال في موضع آخر : ( والصابئين ) لأنه معطوف على خبر إن وكل اسم معطوف على خبر إن كان فيه طريقان إن شاء رفع ، وإن شاء نصب كقوله : ( إن زيداً قادم وعمرو ) ، إن شاء نصب الثاني وإن شاء رفعه كقوله تعالى : { أَنَّ ٱللَّهَ بَرِىۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } [ التوبة : 3 ] وقد قرأ : ورسوله ولكنه شاذ وكذلك ها هنا جاز أن يقول : ( والصابئين ) ( والصابئون ) إلا أن في هذه السورة كتب بالرفع . ثم قال : { لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } يعني لمن آمن والذين سبق ذكرهم ، فلهم ثوابهم عند ربهم الجنة فلا خوف عليهم { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } . قوله تعالى : { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرٰءِيلَ } يعني عهدهم في التوراة { وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً ، كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ } يعني بما لا يوافق هواهم { فَرِيقاً كَذَّبُواْ } مثال عيسى ومن قبله { وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } مثل يحيى وزكريا وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام . فالله تعالى أمر النبي بتبليغ الرسالة وأمره بأن لا يحزن عليهم إن لم يؤمنوا لأنهم من أهل السوء الذين فعلوا هذه الأفعال ، ثم قال : { وَحَسِبُواْ أَن لا تَكُونَ فِتْنَةٌ } يعني ظنوا أن لا يبتلوا بتكذيبهم الرسل ، وقتلهم الأنبياء . ويقال : ظنوا أن لا يعاقبوا ولا يصيبهم البلاء والشدة والقحط ويقال : ظنوا أن قتل الأنبياء لا يكون كفراً . ويقال : ظنوا أن لا تفسد قلوبهم بالتكذيب وقتل الأنبياء . قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو : ( أَن لا تكوُن فتنة ) بضم النون ، وقرأ الباقون بالنصب ، فمن قرأ بالنصب بمعنى أن ومن قرأ بالضم يعني حسبوا أنه لا تكون فتنة معناه : حسبوا أن فعلهم غير فاتن لهم . ثم قال تعالى : { فَعَمُواْ وَصَمُّواْ } يعني عموا عن الحق وصموا عن الهدى فلم يسمعوه { ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } يقول : تجاوز عنهم ، ورفع عنهم البلاء فلم يتوبوا { ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مّنْهُمْ } ويقال : معناه تاب الله على كثير منهم وعموا وصموا كثير منهم . ويقال : من تاب الله عليهم ، يعني بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - ليدعوهم إلى التوراة ثم عموا وصموا بتكذيب محمد - صلى الله عليه وسلم - ( ويقال عموا وصموا حين عبدوا العجل ، ثم تاب الله عليهم بعدما قتلوا سبعين ألفاً ) وهذا على جهة المثل ، يعني لم يعملوا بما سمعوا ولم يعتبروا بما أبصروا فصاروا كالعمي والصمي . ثم قال : { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } بقتلهم الأنبياء وتكذيبهم الرسل ، يعني عليم بمجازاتهم .