Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 75-77)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقال : { مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلاَّ رَسُولٌ } يعني هو رسول كسائر الرسل { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ } ، وهو من جماعة الرسل { وَأُمُّهُ صِدّيقَةٌ } شبه النبيين ، وذلك حين صدقت جبريل حين قال لها : { إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ } [ مريم : 19 ] . والصديق في اللغة هو المبالغ في التصديق . وقال في آية أخرى : { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا } [ التحريم : 12 ] . ثم قال : { كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } يعني المسيح وأمه كانا يأكلان ويشربان ومن أكل وشرب تكون حياته بالحيلة والرب : لا يأكل ولا يشرب . ويقال : { كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } ، كناية عن قضاء الحاجة لأن الذي يأكل الطعام فله قضاء الحاجة ، ومن كان هكذا لا يصلح أن يكون ربّاً ثم قال : { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُبَيّنُ لَهُمُ ٱلآيَـٰتِ } يعني العلامات في عيسى ومريم ، إنهما لو كانا إلهين ما أكلا الطعام { ثُمَّ ٱنْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } . يقول : من أين يكذبون بإنكارهم بأني واحد . وقال القتبي : { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } يعني أنى يصرفون عن الحق ويعدلون عنه يقال : أفك الرجل عن كذا إذا عدل عنه . ثم أخبر الله تعالى عن جهلهم وقلة عقلهم فقال : { قُلْ } يا محمد { أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني عيسى { مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ } يقول ما لا يقدر لكم { ضَرًّا } في الدنيا { وَلاَ نَفْعاً } في الآخرة ، وتركتم عبادة الله { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لقولكم { ٱلْعَلِيمُ } . بعقوبتكم . وقوله تعالى : { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ } يقول : لا تجاوزوا الحد ، والغلو : هو الإفراط والاعتداء ويقال : لا تتعمقوا ، ثم قال : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاءَ قَوْمٍ } وهم الرؤساء من أهل الكتاب يعني لا تتبعوا شهواتهم ، لأنهم آثروا الشهوات على البيان والبرهان { قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ } وهم رؤساء النصارى ضلوا عن الهدى { وَأَضَلُّواْ كَثِيراً } من الناس { وَضَلُّواْ عَن سَوَاءِ ٱلسَّبِيلِ } . يعني أخطأوا عن قصد الطريق . وقال مقاتل : نزلت في برصيصا العابد فجاءه الشيطان فقال له : قد فضلك الله على أهل زمانك ، لكي تحل لهم الحرام ، وتحرم عليهم الحلال وتسن لهم سنة ففعل فاتبعه الناس بذلك ثم ندم على فعله فعمد إلى سلسلة فجعلها في ترقوته فعلق نفسه ، فجاءه ملك فقال له : أنت تتوب ، فكيف لك من تابعك ؟ فذلك قوله : { قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاءِ ٱلسَّبِيلِ } .