Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 37-45)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ } يعني فيما صنع لقومك { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } يعني عقل ، لأنه يعقل بالقلب فكني عنه { أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ } يعني استمع إلى القرآن { وَهُوَ شَهِيدٌ } يعني قلبه حاضر غير غائب عنه ، وقال القتبي : وهو شهيد : يعني استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ، ليس بغافل ولا ساه ، وروى معمر عن قتادة قال : لمن كان له قلب من هذه الأمة ، أو ألقى السمع ، قال رجل من أهل الكتاب : استمع إلى القرآن وهو شهيد على ما في يديه من كتاب الله تعالى ، وروي عن عمر أنه قرأ : " فَنَقَّبُواْ " بالتخفيف يعني " فتبينوا " ونظروا ، وذكروا ، ومنه قيل للعريف نقيب القوم ، لأنه يتعرف أمرهم ويبحث عنهم ، وقرأ يحيى بن يعمر " فَنُقِبوا " بضم النون وكسر القاف يعني " تبينوا " وقرأ الباقون بالتشديد ، يعني طوفوا ، وقوله { هَلْ مِن مَّحِيصٍ } [ ق : 36 ] يعني هل من ملجأ من الموت قوله عز وجل : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } وذلك أن اليهود قالوا : لما خلق الله السماوات والأرض وفرغ منهما ، استراح في يوم السبت فنزل قوله وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ { وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } يعني ما أصابنا من إعياء ، وإنما يستريح من يعيى قوله عز وجل { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } من المنكر ، وهو قولهم استراح ويقال فاصبر على ما يقولون من التكذيب ، وقال في رواية الكلبي : نزلت في المستهزئين من قريش ، وفي أذاهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } يعني صل لربك صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر { وَمِنَ ٱلَّيْلِ } يعني المغرب والعشاء { فَسَبِّحْهُ } يعني صل له وهو المغرب والعشاء { وَأَدْبَـٰرَ ٱلسُّجُودِ } يعني ركعتي المغرب ، قرأ ابن كثير ونافع وحمزة وَإِدبَارَ بكسر الألف ، والباقون بالنصب فهو جمع الدبر ، ومن قرأ بالكسر فعلى مصدر أدبر يدبر إدباراً ، قال أبو عبيدة هكذا نقرأ يعني بالنصب ، لأنه جمع الدبر ، وإنما الإدبار هو المصدر ، كقولك أدبر يدبر إدباراً ، ولا إدبار للسجود ، وإنما ذلك للنجوم ، قوله عز وجل { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ } قرأ أبو عمرو ونافع وابن كثير ( الْمُنَادِي بالياء في الوصل ، وهو الأصل في اللغة ، والباقون بغير ياء ، لأن الكسر يدل عليه ، فاكتفى به ، ومعنى الآية : اعمل واجتهد واستعد ليوم القيامة ، يعني استمع صوت إسرافيل { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } يعني من صخرة بيت المقدس { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ } يعني نفخة إسرافيل بالحق أنها كائنة ، وقال مقاتل في قوله { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } قال صخرة بيت المقدس ، وهي أقرب الأرض من السماء بثمانية عشر ميلاً ، وقال الكلبي باثنى عشر ميلاً { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } من قبورهم إلى المحاسبة ، ثم إلى إحدى الدارين ، إما إلى الجنة وإما إلى النار ، وقال أبو عبيدة : يوم الخروج اسم من أسماء يوم القيامة ، واستشهد بقول العجاج : أليس يوم سميت خروجاً : أعظم يوماً سميت عروجاً ، قوله تعالى { إِنَّا نَحْنُ نُحْييِ وَنُمِيتُ } يعني نحيي في الآخرة ، ونميت في الدنيا الأحياء ، ويقال إنا نحن نحيي الموتى ، ونميت الأحياء { وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } يعني المرجع في الآخرة ، يعني مصير الخلائق كلهم قوله عز وجل { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً } يعني تصدع الأرض عنهم ، قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر " تَشَّقَقُ " بتشديد الشين ، والباقون بالتخفيف ، لأنه لما حذف إحدى التاءين ترك الشين على حالها ، ثم قال : " سِرَاعاً " يعني خروجهم من القبور سراعاً { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } يعني جمع الخلائق علينا هين { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } في البعث من التكذيب { وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } يعني بمسلط ، يعني لم تبعث لتجبرهم على الإسلام ، وإنما بعثت بشيراً ونذيراً ، وهذا قبل أن يؤمر بالقتال ثم قال { فَذَكّرْ بِٱلْقُرْءانِ } يعني فعظ بالقرآن بما وعد الله فيه { مَن يَخَافُ وَعِيدِ } يعني من يخاف عقوبتي ، وعذابي . والله أعلم .