Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 12-18)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ } يعني : ذو الورق { وَٱلرَّيْحَانُ } يعني ثمره ، وقال مجاهد : العصف يعني ورق الحنطة ، والريحان الرزق ، وقال الضحاك : الحب الحنطة ، والشعير والعصف التبن . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : العصف الزرع ، والريحان الورق بلسان حمير ، ويقال : العصف السنبل ، والريحان ثمرته وما ينتفع به . ويقال الريحان يعني الرياحين جمع الريحان وهو نبت لا ساق له قرأ ابن عامر والحب ذو العصف بنصب الباء وإنما نصبه لأنه عطف على قوله { ٱلأَرْض وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } { وَٱلْحَبُّ } يعني وخلق الحب ذا العصف والريحان ، وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ( والحب ذو العصف والريحان ) بضم النون والباء لأنه عطف على قوله ( فيها فاكهة ) وقرأ حمزة والكسائي هكذا إلا أنَّهما كسرا النون في قوله ( والريحان ) عطفا على ( العصف ) على وجه المجاورة وقد ذكر الله تعالى من أول السورة نعماءه ثم خاطب الإنس والجن فقال { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } وإن لم يسبق ذكرهما لأن في الكلام دليلاً وقد ذكرهما من بعده وهو قوله { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } [ الرحمن : 33 ] وقال { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } يعني فبأي نعمة من نعماء ربكما أيها الجن والإنس تكذبان يعني تتجاحدان بأنها ليست من الله تعالى ، قال بعضهم آلاء الله ونعماء الله واحد إلا أن الآلاء أعم والنعماء أخص ، ويقال الآلاء النعمة الظاهرة وهو التوحيد والنعماء النعمة الباطنة وهو المعرفة بالقلب كقوله { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَـٰهِرَةً وَبَاطِنَةً } [ لقمان : 20 ] . وقال بعضهم الآلاء إيصال النعم ، والنعماء رفع البلايا ، مثاله أن رجلاً لو كانت له يد شلاء فله الآلاء وليست النعماء ، وكذلك لسان الأخرس ورجل مقعد فله الآلاء وليست له النعماء وأكثر المفسرين لم يفصلوا بينهما وقد ذكر في هذه السورة دفع البلية وإيصال النعمة فكل ذلك سماه الآلاء ، وروى محمد بن المنذر عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على أصحابه سورة الرحمٰن فسكت القوم فقال النبي عليه السلام " الجن كانوا أحسن رداً منكم ما قرأت عليهم فبأي آلاء ربكما تكذبان إلا قالوا ولا بواحدة منها فلك الحمد " وفي رواية أخرى أنه قال " ما قرأت عليهم إلا قالوا ولا بواحدة منها فلك الحمد " ثم قال : { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } يعني آدم { مِن صَلْصَـٰلٍ } يعني الطين اليابس الذي يتصلصل أي يصوت كما يصوت الفخار ، ويقال الصلصال الطين الجيد الذي ذهب عنه الماء وتشقق { كَٱلْفَخَّارِ } يعني الطين الذي يصنع به الفخار وقال في موضع آخر : { خَلَقْنَـٰكُمْ مِّن تُرَابٍ } [ الحج : 5 ] وقال في موضع آخر : { مِن طِينٍ } [ السجدة : 7 ] وقال في موضع آخر : { مِن صَلْصَـٰلٍ } فهذا كله قد كان حالاً بعد حال { وَخَلَقَ ٱلْجَانَّ } يعني أبا الجن ثم قال هو إبليس { مِن مَّارِجٍ مّن نَّارٍ } يعني من لهب من نار وليس لها دخان . وقال بعضهم خلق من نار جهنم وقال بعضهم من النار التي بين الكلة الرقيقة بين السماء ومنها يكون البرق ولا يرى السماء إلا من وراء تلك الكلة ثم قال { فَبِأَىِّ ءالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني فبأي نعمة أنتم يعني خلقكم أيها الإنس من نفس واحدة وخلقكم أيها الجن من نفس واحدة فكيف تنكرون هذه النعمة أنها ليست من الله تعالى ثم قال { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } يعني هو رب المشرقين مشرق الشمس ومشرق القمر وقيل مشرق الشتاء ومشرق الصيف ورب المغربين يعني مغرب الشتاء والصيف ثم قال { فَبِأَىِّ ءالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } يعني نعمة أنتم من نعمائه أيها الجن والإنس تتجاحدان ؟ ومعناه أنتم حيث ما كنتم من مشارق الأرض ومغاربها في ملك الله تعالى وتأكلون رزقه وهو عالم حيث ما كنتم وهو حافظكم وناصركم فكيف تنكرون هذه النعم .