Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 112-113)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِيٍّ عَدُوّاً } يعني أعداء ومعنى ذلك كما جعلنا لك ولأمتك أعداء مثل أبي جهل وأصحابه كذلك جعلنا لكل نبي عدواً { شَيَـٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ } قال مقاتل : وذلك أن إبليس وكل شياطين الإنس وشياطين الجن يضلونهم فإذا التقى شيطان الجن مع شيطان الإنس قال أحدهما للآخر : إني أضللت صاحبي بكذا وكذا فأَضْلِلْ أنت صاحبك بكذا وكذا فذلك قوله : { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } يعني يكلم بعضهم بعضاً بالإضلال . وقال عكرمة : للجن شياطين مثل شياطين الإنس . وروي عن الزبير بن العوام أن جنياً شكا إليه ما لقي من الشيطان فعلمه دعاء ليخلص منه فدعا به . ووجه آخر شياطين الإنس والجن يعني الشياطين من الإنس والشياطين من الجن لأن كل عات متمرد فهو شيطان . وروي عن أبي ذر الغفاري أنه قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فأمرني أن أصلي ركعتين فصليت ثم جلست عنده قال : " يا أبا ذر تَعَوّذ بِالله من شياطين الإنس وشياطين الجن ، فقلت : يا رسول الله أَوَ من الإنس شياطين ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ما تقرأ قوله { شَيَـٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنّ } " وكذلك هذان القولان من قوله تعالى { فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } [ الناس : 5 ، 6 ] . ثم قال { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } يعني يوسوس بعضهم بعضاً { زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } يعني ما زين منه ، وحسن وموه ، يعني يزين القول باطلاً يغرهم بذلك ، وأصل الزخرف : الذهب . وسمى الزينة زخرفاً لأن أصل الزينة من الذهب يعني يزين لبعض الأعمال . ثم قال : { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ } يعني لو شاء ربك لمنعهم من الوسوسة ولكن الله يمتحن بما يعلم أنه أبلغ في الحكمة وأجزل في الثواب { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } يعني خل عنهم وما يكذبون من القول والغرور . ثم قال : { وَلِتَصْغَي إِلَيْهِ } يقول : ولتميل إلى ذلك الزخرف والغرور { أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } إلى هذه الزينة والغرور { وَلِيَرْضَوْهُ } يقول : لكي يقبلوا من الشياطين الزينة والغرور { وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ } يعني ليكسبوا ما هم مكتسبون من المعاصي وليعملوا ما هم عاملون . وقرأ بعضهم : ( وليرضوه وليقترفوا ) بجزم اللام على معنى الأمر والمراد به التهديد كقوله : { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } [ فصلت : 40 ] والقراءة المعروفة : بكسر اللام والمراد به التهديد ، ومعناه اتركهم ليعلموا ما هم عاملون .