Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 145-147)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقال : { قُل لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا } يعني ، لا أجد فيما أنزل علي من القرآن شيئاً محرماً { عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } يعني على آكل { إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً } ، قرأ ابن عامر : ( إلا أن تكون ميتةً ) بالتاء على لفظ التأنيث ( لأن الميتة مؤنث ) ، وقرأ ( ميتة ) بالضم لأنه إسم كان وقرأ حمزة وابن كثير : ( إلا أن تكون ) بالتاء بلفظ التأنيث ( ميتة ) بالنصب فجعل الميتة خبراً لكان والاسم فيه مضمر وقرأ الباقون ( إلا أن يكون ) بلفظ التذكير ( الميتة ) بالنصب وإن جعلوه مذكراً لأنه انصرف إلى المعنى ومعناه إلا أن يكون المأكول ميتة { أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا } يعني سائلاً جارياً { أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ } أي حرام { أَوْ فِسْقًا } يعني معصية { أَهْلُ } يعني ذبح { لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } يعني لغير اسم الله . وقال بعضهم : في الآية تقديم ومعناه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير أو فسقاً أهل لغير الله به فإنه رجس ، أي حرام يعني جميع ما ذكر في الآية هو رجس . ويقال : الرجس هو نعت للحم الخنزير خاصة . وروى عمر بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء فبعث الله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه فما أحل فهو حلال وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو وتلا هذه الآية { قُل لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَيَّ … } الآية يعني ما لم يبين تحريمه فهو مباح بظاهر هذه الآية . وروى أبو بكر الهذلي عن الحسن أنه قال : والله لولا حديث سلمة بن المحبق ما لبسنا خفافكم ولا نعالكم ولا فراكم ، حتى نعلم ما هي قال أبو بكر : فذكرت ذلك للزهري فقال : صدق الحسن ذلك عندي أوسع من هذا . حدثني عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس أنه قرأ : { قُل لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا } . الآية . قال : إنما حرم من الميتة أكلها وما يؤكل منها وهو اللحم أما الجلد والعظم والشَّعر والصوف فحلال . قال : وقد احتج بعض الناس بهذه الآية على أن ما سوى هذه الأشياء التي ذكر في الآية مباح ولكن نحن نقول قد حرم أشياء سوى ما ذكر في الآية . وقد بين على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك : كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير . وقد قال تعالى : { وَمَآ ءَاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ ، وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } [ الحشر : 7 ] . ثم قال : { فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وقد ذكرنا تأويل هذه الآية . ثم قال : { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا } يعني أن هذه الأشياء التي ذكرنا في الآية كانت حراماً في الأصل وقد حرم الله أشياء كانت حلالاً في الأصل على اليهود بمعصيتهم { كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } يعني الإبل والنعامة والبط ، والأوز ، وكل شيء له خف . وقال القتبي : كل ذي ظفر ، يعني كل ذي مخلب من الطيور ، وكل ذي حافر من الدواب وسم ظفراً على الاستعارة . وقال الكلبي : كل ذي ظفر يعني ليس بمنشق ولا مجتر فهو حرام عليهم { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا } يعني شحوم البطون ، ثم استثنى فقال : { إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } وقال الضحاك : إلا ما كان على اللحوم من الشحوم . وقال الكلبي : يعني ما تعلق بالظهر من الشحم من الكليتين . ويقال : حرم عليهم الثروب وأحل ما سواها وواحد الثروب ثرب ، وهو الشحم الرقيق الذي يكون على الكرش ، { أَوِ ٱلْحَوَايَا } وهو المباعر واحدتها حاوية { أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } مثل الإلية . وروى جويبر عن الضحاك قال : ما التزق بالعظم . ويقال : هو المخ { ذٰلِكَ جَزَيْنَـٰهُم بِبَغْيِهِمْ } يعني ذلك التحريم عاقبناهم بشركهم ، وظلمهم { وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } أن هذه الأشياء كانت حلالاً في الأصل وحرمناها على اليهود بمعصيتهم ، لأن اليهود كانوا يقولون إن هذه الأشياء كانت حراماً في الأصل . ثم قال : { فَإِن كَذَّبُوكَ } يعني فيما تقول من التحريم والتحليل { فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وٰسِعَةٍ } يعني رحمته وسعت كل شيء لا يعجل عليهم بالعقوبة { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ } يعني عذابه { عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } .