Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 151-153)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى : { قُلْ : تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } يعني قل لمالك بن عوف وأصحابه الذين يحرمون الأشياء على أنفسهم وقالوا ما قالوا أبين لكم ما حرم الله عليكم وما أمركم به { أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } يقال : معناه أتل ما حرم ربكم عليكم فقد تم الكلام ثم قال : وأمركم ألا تشركوا به شيئاً { وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } يقول نهاكم عن عقوق الوالدين وأمركم ببرهم . ويقال : معناه حرم عليكم ألا تشركوا به شيئاً ، ويقال : عناه حرم عليكم الشرك { وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } يعني أمركم بالإحسان إلى الوالدين { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ مّنْ إمْلَـٰقٍ } يعني من خشية الفقر { نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } زنى السر والعلانية { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } يعني إلا بالقصاص أو بالرجم أو بترك الإسلام فإن القتل بهذه الأشياء من الحقوق { ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ } يقول : أمركم به في القرآن { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أمر الله بما حرمه في هذه الآيات . وروي عن عبد الله بن قيس عن ابن عباس قال : هذه الآيات المحكمات : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ … } إلى ثلاث آيات . وقال الربيع بن خثيم لرجل : هل لك في صحيفة عليها خاتم محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ ثم قرأ هذه الآيات : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ … } ويقال : هذه الآيات هن أم الكتاب وهن إمام في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ولا يجوز أن يرد عليها النسخ . ثم قال : { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ } يقول : لا تأكلوا مال اليتيم ، ولا تباشروه { إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } يعني إلا بالقيام عليه لإصلاح ماله { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } يعني احفظوا ماله حتى يبلغ رشده . قال مقاتل : يعني ثماني عشرة سنة . وقال الكلبي : الأشُدُّ : ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة . ويقال : حتى يبلغ مبلغ الرجل . ويقال : بلوغ الأَشد ما بين ثماني عشرة إلى أربعين سنة . ثم قال : { وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ } يعني أتموا الكيل والميزان عند البيع والشراء { بِٱلْقِسْطِ } يعني بالعدل { لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } يعني إلا جهدها في العدل يعني إذا اجتهد الإنسان في الكيل والوزن فلو وقعت فيه زيادة قليلة أو نقصان فإنه لا يؤاخذ به إذا اجتهد جهده { وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ } يعني اصدقوا وقولوا الحق { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } يعني وإن كان الحق على ذي قرابة فقولوا الحق ، ولا تمنعوا الحق { وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ } يقول : أتموا العهود التي بينكم وبين الله ، والعهد الذي بينكم وبين الناس { ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ } يقول : أمركم به في الكتاب { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } يعني تتعظون فتمتنعون عما حرم الله عليكم . قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص : ( تذكرون ) بتخفيف الذال وقرأ الباقون بالتشديد لأن أصله تتذكرون ، فأدغم احدى التاءين في الذال . قوله تعالى : { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا } . قرأ حمزة والكسائي : ( وإن هذا ) بكسر الألف على معنى الابتداء ، وقرأ الباقون بالنصب على معنى البناء . وقرأ ابن عامر : ( وأَنْ هذا ) بجزم النون لأن أن إذا خففت منعت عملها ومعنى الآية : إن هذا الإسلام ديني الذي ارتضيته طريقاً مستقيماً { فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ } يعني لا تتبعوا اليهودية والنصرانية . ويقال : هذا صراطي مستقيماً : يعني طريق السنة والجماعة : ( فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ) . يعني الأهواء المختلفة . وروي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - عليه السلام - خطَّ بالأرض خطاً مستقيماً ، ثم خط بجنبيه خطوطاً ثم قال : هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل . يعني الطريق الذي بجنبي الخط يعني به الأهواء المختلفة ، ثم قال : { فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } يعني فيضلكم عن دينه { ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } يعني يجتنبون الأهواء المختلفة .