Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 44-45)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ } يعني : الأمم الخالية حين لم يعتبروا بالشدة ، ولم يرجعوا : { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } من النعم والخصب . ويقال : إن الله تعالى يبتلي العوام بالشدة فإذا أنعم عليهم يكون استدراجاً ، وأما الخواص فيبتليهم بالنعمة والرخاء ، فيعرفون ويعدون ذلك بلاء ، كما روي في الخبر : إن الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران ( إذا رأيت الفقر مقبلاً إليك فقل : مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلاً إليك ، فقل : ذنب عجلت عقوبته ) . فهؤلاء الذين أرسل إليهم ، ابتلاهم الله تعالى بالشدة فلم يعتبروا ، ولم يرجعوا ، فتح عليهم أبواب كل خير ، عقوبة لهم لكي يعتبروا فيها . قال الفقيه : حدثنا الخليل بن أحمد ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد قال : حدثنا أبو عتبة ، قال : حدثنا محمد بن حمير ، عن شهاب بن خراش عن حرملة ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا رأيت الله تعالى يعطي عبداً من الدنيا على معصية مما يحب ، فإنما ذلك منه استدراج " ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } الآية . وقال الحسن : والله ما أحد من الناس بسط الله له في الدنيا ، فلم يخف أن يكون قد مكر له فيها ، إلا كان قد نقص عمله وعجز رأيه وما أمسكها الله تعالى عن عبد فلم يظن أنه قد خير له فيها ، إلا كان قد نقص عمله ، وعجز رأيه { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ } يعني تركوا ما وعظوا به { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } يعني أرسلنا عليهم كل خير ويقال : فتحنا عليهم أبواب كل شيء من الرزق . قرأ ابن عامر : ( فتَّحنا ) بالتشديد على معنى المبالغة ، والباقون : بالتخفيف { حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ } من أنواع الخير ، فأعجبهم ما هم فيه { أَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً } يعني أصبناهم بالعذاب فجأة { فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } يعني آيسين من كل خير . وقال مجاهد : الإبلاس الفضيحة . وقال الفراء : المبلس : المنقطع بالحجة . وقال الزجاج : المبلس : الشديد الحسرة والآيس الحزين . وقال بعضهم في الآية تقديم وتأخير ، ومعناه ، فلما فتحنا عليهم أبواب كل شيء ونسوا ما ذكروا به أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون . ثم قال عز وجل : { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني قُطع أصلهم فلم يبق منهم أحد { وَٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } على هلاك أعدائه واستئصالهم . ويقال : الحمد لله الذي ينتقم من أعدائه ولا ينتقم منه أحد ، ويقال : هذا تعليم ليحمدوه سبحانه على إهلاك الظالمين .