Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 50-52)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال : { قُلْ لاَ أقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ ٱللهِ } يعني مفاتيح الرزق { وَلا أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } يعني متى ينزل العذاب بكم ، هذا جواب لقولهم : { لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } [ الأنعام : 8 ] ، { لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِ } [ الأنعام : 37 ] { وَلا أَقُولُ لَكُمْ : إِنِّي مَلَكٌ } من السماء ، إنما أنا بشر مثلكم { إِنْ أَتَّبِعُ } يعني ما أتبع { إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ } من القرآن { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } يعني الكافر والمؤمن { أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } في أمثال القرآن ومواعظه . قوله تعالى : { وَأَنذِرْ بِهِ } يعني خوّف بالقرآن { ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ } يعني يعلمون { أَن يُحْشَرُواْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } في الآخرة . وإنما خص بالإنذار الذين يعلمون ، وإن كان منذراً لجميع الخلق لأن الحجة عليهم وجبت لاعترافهم بالمعاندة ، وهم أهل الكتاب ، كانوا يقرون بالبعث ويقال : هم المسلمون ، يعلمون أنهم يبعثون يوم القيامة ، ويؤمنون به . { لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ } يعني يعلمون أنه ليس لهم من دون الله يعني من عذاب الله { وَلِيُّ } في الدنيا { وَلاَ شَفِيعٍ } في الآخرة { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } يعني أنذرهم لعلهم يتقون المعاصي . ويقال : { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } لكي يتقوا ويثبتوا على الإسلام . فإنهم إن لم يثبتوا ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع : قوله تعالى : { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } روي عن سعد بن أبي وقاص أنه قال : نزلت هذه الآية في ستة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم عبد الله بن مسعود ، قالت قريش : تدني هؤلاء السفلة ، هم الذين يلونك ، أي : يصرونك ، فوقع في قلبه أن يطردهم فنزل : { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } . وروى أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس قال : كان رجال يستبقون إلى مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم بلال ، وصهيب فيجيء أشراف من قومه وسادتهم فيجلسون ناحية ، فقالوا له : إنا سادات قومك وأشرافهم ، فلو أدنيتنا ؟ فهم أن يفعل فنزل { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } الآية . ويقال : إن أبا جهل وأصحابه اختالوا ليطرد النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عن نفسه فقالوا أن محمداً يتبعه الموالي والأراذل فلو طردهم لاتبعناه فاستعانوا بعمر رضي الله عنه فأخبر عمر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يفعل ذلك ، فنزل : { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } يعني يعبدون ربهم ، { بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } يعني يصلون لله تعالى في أول النهار وآخره { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } يعني يريدون بصلواتهم وجه الله تعالى { مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ } يعني ما عليك من عملهم من شيء . { وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ } يعني الإثم . ويقال : معناه فما عليك إن لم يسلموا فليس عليك من أوزارهم شيء . ويقال : يعني به الضعفة من المسلمين فلا تطردهم ، لأنه ليس عليك من حسابهم من شيء ( أي فليس عليك من أرزاقهم شيء لكن أرزاقهم على الله ) ثم قال : { فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني لو طردتهم من مجلسك فتكون من الضارين بنفسك . قرأ ابن عامر : ( بالغدوة ) وقرأ الباقون : ( بالغداة ) وهما لغتان .