Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 7-10)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَـٰباً فِي قِرْطَاسٍ } ذلك أن النضر بن الحارث وعبد الله بن أمية وغيرهما ، قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لن نؤمن لك حتى تنزل علينا كتاباً من السماء ، قال الله تعالى : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَـٰباً فِي قِرْطَاسٍ } يقول : مكتوباً في صحيفة { فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } يقول : عاينوه وأخذوه بأيديهم ما يصدقونه { لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني يقول الذين كفروا : { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ولا يؤمنون به . { وَقَالُواْ : لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } من السماء فيكون معه نذيراً فقال الله تعالى : { وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً } من السماء { لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } يعني لهلكوا إذا عاينوا الملك ولم يؤمنوا ولم يصدقوا لنزل العذاب بهم { ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } يعني لا ينتظر بهم حتى يعذبوا . ويقال : لو نزل الملك لنزل بإهلاكهم . ويقال : لو أنزلنا ملكاً لا يستطيعون النظر إليه فيموتوا . ثم قال : { وَلَوْ جَعَلْنَـٰهُ مَلَكاً } يعني لو أنزلنا ملكاً بالنبوة { لَّجَعَلْنَـٰهُ رَجُلاً } يعني لأنزلناه على شبه رجل على صورة آدمي ألا ترى أنهم حين جاءوا إلى إبراهيم - عليه السلام - جاءوا على صورة الضيفان ، وعلى داود - عليه السلام - مثل خصمين وكان جبريل - عليه السلام - ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صورة دحية الكلبي . ثم قال : { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } يعني لو نزل الملك على أشباه الآدميين لا يزول عنهم الاشتباه والتلبس . وروى بعضهم عن ابن عامر أنه قرأ : ( ما يلبسون ) بنصب الباء يعني جعلنا عليه من الثياب ما يلبسونه على أنفسهم ظنوا أنه آدمي والقراءة المعروفة : بالكسر يقال : لبس يلبس إذا لبس الثوب ولبس يلبس : إذا خلط الأمر . وقال القتبي : ( وللبسنا ) يعني أضللناهم بما ضلوا به من قبل أن يبعث الملك . ثم قال : { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىء بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ } يا محمد كما استهزأ بك قومك في أمر العذاب { فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ } يقول : وجب ونزل بالذين { سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } بالرسل ويقال : فحاق أي رجع . وقال أهل اللغة : الحيق ، ما يشتمل على الإنسان من مكروه فَعَلَتْه نفسه كقوله : { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } [ فاطر : 43 ] . وقال الضحاك : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً في المسجد الحرام مع المستضعفين من المؤمنين بلال بن رباح ، وصهيب بن سنان ، وعمار بن ياسر وغيرهم . فمر بهم أبو جهل بن هشام في ملأ من قريش وقال : يزعم محمد أن هؤلاء ملوك أهل الجنة فأنزل الله تعالى على رسوله هذه الآية ليثبت بها فؤاده ويصبره على أذاهم فقال : { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىء بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ } يعني إن سخر أهل مكة من أصحابك فقد فعل ذلك الجهلة برسلهم فجعل الله تعالى دائرة السوء على أهل ذلك الاستهزاء . ثم أمر المشركين بأن يعتبروا بمن قبلهم وينظروا إلى آثارهم في الأرض .