Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 1-6)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يُسَبّحُ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لَهُ ٱلْمُلْكُ } أي له الملك الدائم الذي لا يزول يعني : يحمده المؤمنون في الدنيا وفي الجنة كما قال { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ } في الأولى والآخِرةِ ويقال له الحمد يعني : هو المحمود في شأنه وهو أهل أن يحمد لأن الخلق كلهم في نعمته فالواجب عليهم أن يحمدوه ثم قال { وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } يعني : قادر على ما يشاء { هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ } يعني : يخلقكم من نفس واحدة { فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } يعني : منكم من يصير كافراً ، ومنكم من يصير أهلاً للإيمان ، ويؤمن بتوفيق الله تعالى ، ويقال منكم من خلقه كافراً ومنكم من خلقه مؤمناً ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى " وإلى هذا ذهب أهل الجبر ، ويقال فمنكم كافر يعني : كافر بأن الله تعالى خلقه وهو كقوله : { قُتِلَ ٱلإِنسَـٰنُ مَآ أَكْفَرَه مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } [ عبس : 17 ، 18 ] وكقوله { أَكَفَرْتَ بِٱلَّذِى خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ } [ الكهف : 37 ] ، ويقال ( فمنكم كافر ) يعني كافراً في السر وهم المنافقون ( ومنكم مؤمن ) وهم المخلصون ويقال : هذا الخطاب لجميع الخلق ، ومعناه : هو الذي خلقكم فمنكم كافر بالله وهم المشركون ومنكم مؤمن وهم المؤمنون يعني : استويتم في خلق الله إياكم واختلفتم في أحوالكم فمنكم من آمن بالله ومنكم من كفر ثم قال { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يعني : عليماً بما تعملون من الخير والشر ثم قال عز وجل : { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقّ } يعني : بالحق والحجة والثواب والعقاب { وَصَوَّرَكُمْ } يعني : خلقكم { فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } يعني : خلقكم على أجمل صورة وهذا كقوله { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِىۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين : 4 ] ، وكقوله { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ } [ الإسراء : 70 ] ثم قال { وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } يعني : إليه المرجع في الآخرة فهذا التهديد يعني : كونوا على الحذر لأن مرجعكم إليه ثم قال { يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعني : من كل موجود { وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } يعني : ما تخفون وما تضمرون في قلوبكم وما تظهرون وتعلنون بألسنتكم { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } يعني : عليماً بسرائركم ثم قال الله عز وجل : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ } اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به : التوبيخ والتقريع يعني : قد أتاكم خبر الذين كفروا من قبلكم { فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ } يعني : أصابتهم عقوبة ذنبهم في الدنيا ثم أخبر أن ما أصابهم في الدنيا لم يكن كفارة لذنوبهم فقال : { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة ثم بين السبب الذي أصابهم به العذاب فقال : { ذٰلِكَ } العذاب { بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ } يعني : بالأمر والنهي ، ويقال بالبينان يعني : بالدلائل والحجج { فَقَالُواْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا } يعني آدمياً مثلنا يرشدنا ويأتينا بدين غير دين آبائنا { فَكَفَرُواْ } يعني : جحدوا بالرسل والكتاب { وَتَوَلَّواْ } يعني : أعرضوا عن الإيمان { وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ } تعالى عن إيمانهم { وَٱللَّهُ غَنِىٌّ حَمِيدٌ } عن إيمان العباد ، حميد في فعاله يقبل اليسير ، ويعطي الجزيل .