Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 156-157)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } يعني : اقض لنا وأعطنا في الدنيا العلم والعبادة والنصرة والرزق الحسن الحلال { وَفِي ٱلآخِرَةِ } يعني وأعطنا في الآخرة حسنة . وهي الجنة { إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ } يعني : تبنا إليك وأقبلنا إليك . هكذا قال عكرمة ومجاهد وعطاء وقتادة . وأصله في اللغة الرجوع من الشيء إلى الشيء { قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءَ } يعني هذا عذابي أخص به من أشاء من العباد من كان أهلاً لذلك { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } إنْ رحمتهم ويقال : إن الزلزلة والرجفة كانتا عذابي وأنا أنزلتها وأنا أصيب بالعذاب من أشاء ، وما سألت من الغفران فمن رحمتي ، ورحمتي وسعت كل شيء من كان أهلاً لها ويقال لكل شيء حظ من رحمتي . وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن قتادة والحسن قالا : ورحمتي التي وسعت كل شيء يعني : وسعت في الدنيا البر والفاجر ، وفي يوم القيامة للذين اتقوا خاصة . ويقال لما نزلت هذه الآية ورحمتي وسعت كل شيء تطاول إبليس وقال أَنَا من تلك الأشياء ، فأكذبه الله تعالى وآيسه فأنزل قوله { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } يعني فسأقضيها وسأوجهها للذين يتقون الشرك { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـٰوةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـآيَـٰتِنَا يُؤْمِنُونَ } فقالت اليهود والنصارى نحن آمنا بالآيات وهي التوراة والإنجيل ونعطي الزكاة فهذه الرحمة لنا . فأكذبهم الله تعالى وأنزل { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّىَّ } الآية . ويقال ورحمتي وسعت كل شيء يعني : طمع كل قوم برحمتي وأنا أوجبتها للمؤمنين . وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يتقون الشرك ويؤتون الزكاة ، والذين هم بآياتنا يؤمنون . يعني : يصدقون بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم الذي لا يكتب ولا يقرأ الكتب . قال الزجاج : الأُمِّيُّ الذي هو على خِلْقَةِ أمه لم يتعلم الكتابة وهو على جبلته ، ويقال إنما سمي محمد صلى الله عليه وسلم أمياً لأنه كان من أم القرى وهي مكة ثم قال { ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ } يعني يجدون نعته وصفته { فِى ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ } يعني شرائع الإسلام بالتوحيد يرخص لهم الحلالات من الشحوم واللحوم وأشباهها { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَـٰئِثَ } يعني : ويبين لهم الحرام ، الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ } يعني : ثقلهم من العهود . قرأ ابن عامر آصَارَهُمُ على معنى الجماعة . وأصل الإصر الثقل فسمي العهد إصْراً لأن حفظ العهد يكون ثقيلاً ، ويقال : يعني : الأمور التي كانت عليهم في الشرائع ، ويقال هو ما عهد عليهم من تحريم الطيبات ، ثم قال { وَٱلأَغْلَـٰلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } وهي كناية عن أمور شديدة . لأن في الشريعة الأولى كان الواحد منهم إذا أصابه البول في ثوبه وجب قطعه . وكان عليهم ألا يعملوا في السبت وغير ذلك من الأعمال الشديدة فوضع عنهم ذلك ثم قال { فَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِهِ } يعني صدقوه وأقروا بنبوته { وَعَزَّرُوهُ } يعني عظموه وشرفوه . ويقال أعانوه { وَنَصَرُوهُ } بالسيف { وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ } يعني القرآن { ٱلَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ } يعني أهل هذه الصفة { هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي : والناجون في الآخرة وهم في الرحمة التي قال الله تعالى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } [ الأعراف : 156 ] .