Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 189-195)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } يعني من نفس آدم { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } يعني خلق من نفس آدم ، من ضلع من أضلاعه اليسرى زوجته حواء { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } يعني ليطمئن إليها ويجامعها ، { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } أي : سكن إليها وجامعها { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } يعني : خفيف الماء { فَمَرَّتْ بِهِ } أي : استمرت بالحمل ، يقول قامت بالحمل وقعدت ولا تدري أهي حبلى أم لا { فَلَمَّا أَثْقَلَت } يعني ثقل الولد في بطنها { دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا } وذلك أن إبليس أتاها فقال يا حواء ما هذا الذي في بطنك ؟ قالت : ما أدري . قال أخاف إنها بهيمة وإني من الله بمنزلة ، فإن دعوت الله فولدت إنساناً صالحاً أتسميه باسمي ؟ قالت نعم . وما اسمك . قال : عبد الحارث فكذب فدعت حواء وآدم فذلك قوله دعوا الله ربهما { لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صَـٰلِحاً } يعني أعطيتنا ولداً سوياً صحيح الجوارح { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ } وهذا قول سعيد بن جبير رواه عن ابن عباس . وروى معمر عن قتادة أنه قال : كان آدم لا يولد له ولد إلا مات فجاء الشيطان وقال إن سرك أن يعيش ولدك فسمه عبد الحارث ففعل ، فأشركا في الاسم ولم يشركا في العبادة . وروي عن السدي أنه قال : اسم إبليس هو الحارث يوم لعن ، فأراد أن ينسب إليه فأمرها فسمته عبد الحارث فعاش بعد ذلك أياماً ثم مات . فذلك قوله { فَلَمَّا ءاتَـٰهُمَا } يعني أعطاهما { صَـٰلِحاً } خلقاً آدمياً سوياً { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا ءاتَـٰهُمَا } قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر جَعَلاَ لَهُ شِرْكاً بكسر الشين وجزم الراء . وقرأ الباقون شُرَكَاء بالضم ونصب الراء . فمن قرأ بالكسر فهو على معنى التسمية وهو اسم يقوم مقام المصدر . ومن قرأ بالضم فمعناه جعلا له شركاء يعني الشريك في الاسم . وإنما ذكر الشركاء وأراد به الشريك يعني الشيطان . فإن قيل من قرأ بالكسر كان من حق الكلام أن يقول جعلا لغيره شركاً لأنهما لا ينكران أن الأصل لله تعالى وإنَّما جعلا لغيره شركاً أي : نصيباً ، قيل له معناه جعلا له شركاء يعني ذا شرك . فذكر الشرك والمراد به شركه كقوله تعالى : { وَاسْأَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] أي : أهل القرية . فضرب الله تعالى بهذا مثلاً للكفار يعني كما أن آدم وحواء . أعطاهما ورزقهما فاشركوا في عبادته . ثم نزه نفسه عن الشرك فقال تعالى : { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي : هو أعلا وأجل من أن يوصف بالشرك ثم رجع إلى قصة الكفار فقال الله تعالى : { أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً } يعني أيشركون الآلهة مع الله تعالى : وهم كفار مكة ما لا يخلق شيئاً وهي الآلهة { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } أي : ينحتون ويصنعونها بأيديهم { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً } يعني : لا يستطيعون نصراً لمن يعبدهم { وَلاَ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } يعني : لا يستطيعون أن يمتنعوا مما نزل بهم من العذاب { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ } قال الكلبي يعني الآلهة . وإن يدع المشركون آلهتهم إلى أمر { لاَ يَتَّبِعُوكُمْ } يعني لا يتبعهم آلهتهم { سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ } يا أهل مكة { أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَـٰمِتُونَ } لا تعقل شيئاً لأنه ليس فيها روح . وقال مقاتل وإن تدعوهم إلى الهدى يعني كفار مكة { لاَ يَتَّبِعُوكُمْ } لا يتبعوكم يعني النبي عليه السلام { سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ } فلا يؤمنون . قرأ نافع لاَ يَتْبِعُوكُمْ بجزم التاء وقرأ الباقون بالنصب والتشديد لا يتَّبِعُوكُمْ ، وهما لغتان تبعه وأتْبعه معناهما واحد . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ } يعني تعبدون { مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني الأصنام { عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } يعني مخلوقين مملوكين أشباهكم وليسوا بآلهة { فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أنها آلهة . ثم قال عز وجل : { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا } يعني في حوائجكم { أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا } يعني يعطون بها ويمنعون عنكم الضر { أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا } يعني عبادتكم { أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } يعني دعاءكم . وقد احتجت المشبهة بهذه الآية أن من لا يكون له يد ولا رجل ولا بصر لا يصلح أن يكون إلهاً . ولكن لا حجة لهم في ذلك . لأن الله تعالى بين ضعف معبودهم وعجزهم وبين أنهم اشتغلوا بشيء لا فائدة فيه ولا منفعة لهم في ذلك . ثم قال { قُلْ } يا محمد يعني لكفار مكة { ٱدْعُواْ شُرَكَاءكُمْ } يعني آلهتكم { ثُمَّ كِيدُونِ } يعني اعملوا بي ما شئتم { فَلاَ تُنظِرُونِ } يعني : لا تمهلون ولا تؤجلون ، لأنهم خوفوه بآلهتهم . قرأ أبو عمرو ثم كِيدُوني بالياء في حال الوصل . وقرأ الباقون بغير الياء .