Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 47-53)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَـٰرُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ } قال من سرعة ما انصرفوا كأنهم صرفوا ، تلقاء أصحاب النار يعني أنهم إذا نظروا قِبَلَ أصحاب النار أي تلقاء أصحاب النار { قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي مع الكافرين في النار { وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً } يعني في النار { يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَـٰهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ } في الدنيا { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } أي ما أغنى عنكم ما كنتم تستكبرون عن الإيمان . وقرأ بعضهم وما كنتم تستكثرون . يعني تجمعون المال الكثير . وهي قراءة شاذة . { أَهَـٰؤُلاءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ } يعني إنّ أهل الأعراف يقولون يا وليد ويا أبا جهل : أهؤلاء ؟ يعني صهيباً وبلالاً والضعفة من المسلمين الذين كنتم تحلفون لا ينالهم الله برحمة . يعني إنَّهم لا يدخلون الجنة ثم يقول الله تعالى لأصحاب الأعراف { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } وعن أبي مجلز أنه قال : وعلى الأعراف رجال من الملائكة ، نادوا أصحاب الجنة قبل أن يدخلوها سلام عليكم لم يدخلوها . وهم يطمعون دخولها يعني في الجنة . وإذا نظروا إلى أصحاب النار حين مروا بهم { قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً } من المشركين { يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَـٰهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَهَـٰؤُلاءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } يعني لأهل الجنة . قال مقاتل : فأقسم أهل النار أن أصحاب الأعراف داخلون النار معهم . فقالت الملائكة لأهل النار أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة . ثم تقول الملائكة لأصحاب الأعراف ادخلوا الجنة . ويقال إن أهل النار يقولون لأهل الأعراف ما أغنى عنكم جمعكم وعملكم وأنتم والله تكونون معنا في النار ولا تدخلون الجنة . فيقول الملائكة لأهل النار أهؤلاء الذين أقسمتم يعني أصحاب الأعراف لا ينالهم الله برحمته . ثم يقال لأصحاب الأعراف : ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ . قوله عز وجل { وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } أي اسقونا من الماء أو شيئاً من الفواكه وثمار الجنة فإنّ فينا من معارفكم . فعلم الله تعالى أن ابن آدم غير مستغن عن الطعام والشراب وإن كان في العذاب . فأجابهم أهل الجنة { قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } يعني الماء والثمار . " وروي في الخبر أنَّ أبا جهل بن هشام بعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستهزىء به . أطعمني من عنب جنتك أو شيئاً من الفواكه . فقال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه " قل له إن الله حرمهما على الكافرين " ، ثم وصفهم عز وجل فقال { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا } أي اتخذوا الإسلام باطلاً ودخلوا في غير دين الإسلام . ويقال اتخذوا عبداً لهواً وفرحاً { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَـٰوةُ ٱلدُّنْيَا } أي غرهم ما أصابهم من زينة الدنيا { فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ } أي نتركهم في النار { كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } أي كما تركوا العمل ليومهم هذا . ويقال كما تركوا الإيمان ليومهم هذا يعني أنكروا البعث { وَمَا كَانُواْ بِـآيَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ } يعني بجحدهم بآياتنا بأنها ليست من عند الله تعالى - قوله تعالى { وَلَقَدْ جِئْنَـٰهُمْ بِكِتَـٰبٍ } أي أكرمناهم بالقرآن { فَصَّلْنَـٰهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } يعني بينا فيه الآيات ، الحلال والحرام " على علم " أي بعلم منا { هُدًى } يعني بياناً من الضلالة ويقال جعلناه هادياً { وَرَحْمَةً } أي نعمة ونجاة من العذاب { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يعني لمن آمن وصدق به . يعني : أكرمناهم بهذا الكتاب فلم يؤمنوا ولم يصدقوا . وإنما أضاف إلى المؤمنين لأنهم هم الذين يهتدون به ويستوجبون به الرحمة . ثم قال { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } أي ما ينتظرون إلا عاقبة ما وعدهم الله تعالى في القرآن من العذاب { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } عاقبة ما وعدهم الله . وهو يوم القيامة { يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ } يقول الذين تركوا العمل والإيمان { مِن قَبْلُ } يعني في الدنيا { قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بِٱلْحَقِّ } وذلك أنهم حين عاينوا العذاب وذكروا قول الرسل وندموا على تكذيبهم إياهم . يقولون : قد جاءت رسل ربنا بالحق . أي بأمر البعث فكذبناهم { فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَا } لأنهم يرون الشفعاء يشفعون للمؤمنين ، فيقال لهم ليس لكم شفيع . فيقولون { أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } أي هل نرد إلى الدنيا فنصدق الرسل ونعمل غير الشرك " فَنَعْمَلَ " صار نصباً لأنه جواب الاستفهام ، وجواب الاستفهام إذا كان بالفاء فهو نصب . وكذلك جواب الأمر والنهي . يقول الله تعالى { قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ } أي قد غبنوا حظ أنفسهم { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي يكذبون بأن الآلهة شفعاؤهم عند الله .