Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 58-64)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } يعني المكان العذب الزكي اللين من الأرض اللينة يخرج نباته إذا أمطرت فينتفع به ، كذلك المؤمن يسمع الموعظة فتدخل في قلبه فينتفع بها وينفعه القرآن كما ينفع المطر الأرض الطيبة . { وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً } يعني الأرض السبخة لا يخرج نباتها إلا من كد وعناء ، فكذلك الكافر لا يسمع الموعظة ولا ينتفع بها ولا يتكلم بالإيمان ولا يعمل بالطاعة إلا كرهاً لغير وجه الله ، ثم قال { كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } أي هكذا نبين الآيات والعلامات والأمثال لمن آمن وشكر رب هذه النعم ووحده . قوله عز وجل { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ } يعني بعثنا نوحاً إلى قومه بالرسالة فأتاهم ، ويقال معناه جعلنا نوحاً رسولاً إلى قومه . { فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } أي وحدوا الله ، { مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } أي ليس لكم رب سواه . قرأ الكسائي إلهٍ غَيْرِه بكسر الراء . وقرأ الباقون غَيرُهُ بالضم . فمن قرأ بكسر الراء فلأجل مِنْ وجعله كله كلمة واحدة والغير تابعاً له . ومن قرأ بالضم فمعناه ما لكم إله غيره ودخلت من مؤكدة . ثم قال { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } وهو الغرق فـ { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ } وهم الرؤساء والأجلة والأشراف ، سموا بذلك لأنهم ملِئوا بما يحتاج إليه منهم ، ويقال لأنهم ملأوا الناظر هيبة إذا اجتمعوا في موضع قالوا { إِنَّا لَنَراكَ في ضَلاَلٍ مُبِينٍ } يعني في خطأ بَيِّنٍ { قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } وفي الآية بيان أدب الخلق في حسن الجواب والمخاطبة . لأنه رد جهلهم بأحسن الجواب وهذا كما قال الله تعالى { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَـٰهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } [ الفرقان : 63 ] يعني السداد من القول . ثم قال { أُبلِّغُكُمْ رِسَالاَت رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ } أي أمنعكم من الفساد وأدعوكم إلى التوحيد وأحذركم من العذاب . وقال أهل اللغة : أنصح لكم وأنصحكم لغتان بمعنى واحد كما يقال شكرت لك وشكرتك ثم قال { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } يعني أعلم أنكم إن لم تتوبوا يأتيكم العذاب وأنتم لا تعلمون ذلك ، وذلك أن سائر الأنبياء عليهم السلام خوفوا أمتهم بعذاب الأمم السابقة كما قال شعيب لقومه : { أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَـٰلِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ } [ هود : 89 ] وأما قوم نوح فلم يكن بلغهم هلاك أمة قبلهم . فقال لهم نوح وأعلم من الله ما لا تعلمون من العذاب الذي ينزل بكم . فقالت الكبراء للضعفاء لا تتبعوه . فإن هذا بشر مثلكم فأجابهم نوح فقال { أَوَ عَجِبْتُمْ أنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ } يعني ينزل الكتاب والرسالة على رجل منكم تعرفون حسبه ونسبه " لينذركم " بالنار ولتتقوا الشرك . قال بعضهم : هذه الواو صلة وهو زيادة في الكلام . ومعناه لينذركم لكي تتقوا . وقال بعضهم هذه واو العطف أي : جاءكم رسول لكي ينذركم { وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يعني لكي تنجوا من العذاب . قرأ أبو عمرو أبلغكم بجزم الباء والتخفيف . وقرأ الباقون أُبَلّغكم بالتشديد فيكون فيه معنى المبالغة قوله { فَكَذَّبُوهُ } أي نوحاً { فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ } يعني الذين اتبعوه من المؤمنين في السفينة ، والفلك اسم لواحد والجماعة يعني أنجينا المؤمنين من الغرق { وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ } عن نزول العذاب ويقال عمين عن الحق يعني جعلوا أمره باطلاً . وقد بين الله قصته في سورة هود .