Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 94-99)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا } ففي الآية مضمر ومعناه وما أرسلنا في قرية من نبي فكذبوه إلا أخذنا أهلها { بِٱلْبَأْسَاءِ وَٱلضَّرَّاءِ } يعني عاقبنا أهلها بالخوف والبلاء والقحط والفقر . ويقال البأساء ما يصيبهم من الشدة في أموالهم ، والضراء ما يصيبهم في أنفسهم { لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } يعني لكي يتضرعوا ، فأدغمت التاء في الضاد وأقيم التشديد مقامه ، ومعناه لكي يدعوا ربهم ويؤمنوا بالرسل ويعرفوا ضعف معبودهم قوله تعالى : { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ } يعني حولنا مكان الشدة الرخاء ومكان الجدوبة الخصب { حَتَّىٰ عَفَواْ } أي : كثروا واستغنوا وكثرت أموالهم فلم يشكروا الله تعالى ، ويقال حتى عفوا أي : حتى سروا به { وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا ٱلضَّرَّاءُ وَٱلسَّرَّاءُ } أي : مثل ما أصابنا ، مرة يكون الرخاء ومرة يكون الشدة { فَأَخَذَتْهُمُ بَغْتَةً } أي : فجأة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } يعني أتاهم العذاب من حيث لم يعلموا به ، ويقال إن الشدة للعامة تكون تنبيهاً وزجراً ، والنعمة تكون استدراجاً ، وأما النعمة للخاصة فهي تنبيه لأنه بعد ذلك عقوبة كما روي أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام إذا رأيت الفقر مقبلاً إليك فقل مرحباً بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنى مقبلاً إليك فقل ذنب عجلت عقوبته قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ } يعني وحدوا الله تعالى واتقوا الشرك { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } يعني أنزلنا عليهم من السماء المطر والرزق والنبات من الأرض { وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ } الرسل { فَأَخَذْنَـٰهُمْ } أي : عاقبناهم { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من الشرك . ففي الآية دليل على أن الكفاية والسعة في الرزق من السعادة إذا كان المرء شاكراً وتكون عقوبة له إذا لم يكن شاكراً ، لأنه قال في آية أخرى { لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ } [ الزخرف : 33 ] يعني الغنى يكون وبالاً لمن لا يشكر الله تعالى وعقوبة له ثم قال تعالى : { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَـٰتاً } أي : ينزل عليهم عذابنا ليلاً { وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى } فتحت الواو لأنها واو العطف أدخلت عليها ألف الاستفهام ، وكذلك أفأمن لأنها فاء العطف دخلت عليها ألف الاستفهام . قرأ نافع وابن كثير أو أمن بجزم الواو لأن أصله أو وأمن ، وأو حرف من حروف الشك ، فأدغم في حرف النسق { أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى } يعني يأتيهم عذابنا نهاراً { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } يعني لاهون عنه ثم قال تعالى : { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ } يعني عذاب الله { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ } يعني عذاب الله { إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } أي : المغبونون بالعقوبة .