Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 1-16)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } أي كلح وأعرض بوجهه يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى هشام ابن عروة قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً ومعه عتبة بن ربيعة في ناس من وجوه قريش وهو يحدثهم بحديث فجاء ابن أم مكتوم على تلك الحال فسأله عن بعض ما ينفع به فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع كلامه وقال في رواية مقاتل كان اسم ابن أم مكتوم عمر بن قيس ، وقال في رواية الكلبي كان اسمه عبد الله بن شريح فقال يا رسول الله علمني مما علمك الله تعالى فأعرض عنه شغلاً بأولئك القوم لحرصه على إسلامهم فنزل ( عبس وتولى ) وهو بلفظ المغايبة تعظيماً للنبي - صلى الله عليه وسلم - عبس محمد - صلى الله عليه وسلم - وجهه وتولى يعني وأعرض { أَن جَاءهُ ٱلأَعْمَىٰ } يعني إن جاءه الأعمى ويقال حين جاءه الأعمى وهو ابن أم مكتوم ثم قال : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } يعني وما يدريك يا محمد لعله يصلي أو يفلح فيعمل خيراً فيتعظ بالقرآن ويقال يعني يزداد خيراً { أَوْ يَذَّكَّرُ } يعني يتعظ بالقرآن { فَتَنفَعَهُ ٱلذّكْرَىٰ } يعني العظة ثم قال { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ } يعني استغنى بنفسه عن ثواب الله ، ويقال استغنى بماله ونفسه عن دينك وعظمتك { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } يعني تقبل بوجهك عليه ، ويقال تصدى يعني تعرض ، يقال : فلان تصدى لفلان إذا تعرض له ليراه . قرأ عاصم أو يذكر فتنفعه الذكرى بنصب العين ، جعله جواباً لعله يتذكر فتنفعه الذكرى ، وقرأ الباقون بالضم جعلوه جواباً للفعل ، قرأ نافع وابن كثير تصدى بتشديد الصاد لأن الأصل تتصدى فأدغمت وشددت والباقون بحذف التاء للتخفيف فهذا كقوله { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } [ النازعات : 18 ] ثم قال { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } يعني أي شيء عليك إن لم يوجد عتبة وأصحابه ويقال : لا يضرك إن لم يؤمن ولم يصلح ثم قال عز وجل { وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَىٰ } يعني يسرع إلى الخير ويعمل به وهو ابن أم مكتوم ، ويقال يعني يمشي برجليه { وَهُوَ يَخْشَىٰ } ربه { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ } يعني تشتغل وتتلاهى وتتغافل وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرم ابن أم مكتوم بعد نزول هذه الآية قوله تعالى { كَلاَّ } يعني لا تفعل ولا تقبل على من استغنى عن الله تعالى بنفسه وتعرض عمن يخشى الله تعالى ثم قال { إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } يعني هذه الموعظة تذكرة ويقال هذه السورة تذكرة يعني موعظة { فَمَن شَاء ذَكَرَهُ } يعني ذكر المواعظ وذكره بلفظ التذكير ولم يقل ذكرها لأنه ينصرف إلى المعنى لأن الموعظة إنما هي بالقرآن يعني فمن شاء أن يتعظ بالقرآن فليتعظ { فَى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ } يعني أن هذا القرآن في صحف مكرمة يعني مطهرة مبجلة معظمة وهو اللوح المحفوظ { مَّرْفُوعَةٍ } يعني مرتفعة { مُّطَهَّرَةٍ } يعني منزهة عن التناقض والكذب والعيب { بِأَيْدِى سَفَرَةٍ } يعني الكتبة الذين يكتبون في اللوح المحفوظ ، ثم أثنى على الكتبة فقال { كِرَامٍ } على الله { بَرَرَةٍ } أي مطيعين لله تعالى ، ويقال بررة من الذنوب ، وقال القتبي السفرة الكتبة وأحدهما سافر وإنما يقال للكاتب سافر لأنه يبين الشيء ويوضحه ويقال أسفر الصبح إذا أضاء البررة جمع بار مثل كفرة وكافر .