Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 115-117)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ } وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنزل الله تعالى عليه الفرائض ففعل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون . ثم إن الله تعالى أنزل ما ينسخ الأمر الأول ، وقد غاب الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يبلغهم ذلك ( فعملوا ) بالمنسوخ وكانوا يصلون إلى القبلة الأولى ولا يعلمون ويشربون الخمر ولا يعلمون تحريمها فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ } وإن عملوا بالمنسوخ { حَتَّىٰ يُبَيّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ } يعني ما نسخ من القرآن . يعني إنه قبل منهم ما عملوا بعد النسخ ولا يؤاخذهم بذلك . ويقال وما كان الله ليهلك قوماً حتى يقيم عليهم الحجة ، ويقال ليُعَذِّبَهُمْ في الآخرة ، يعني يبين لهم ما يتقون . ويقال لا يتركهم بلا بيان بعد أن أكرمهم بالإيمان حتى يبين لهم ما يحتاجون ، ويقال لا ينزع الإيمان عنهم بعد أن هداهم إلى الإيمان حتى يبين لهم الحدود والفرائض فإذا تركوا ذلك ولم يروه حقاً عذبهم الله تعالى ونزع عنهم المعرفة ويقال { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً } على الإبتداء { حَتَّىٰ يُبَيّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ } فيصيروا فيه ضلالاً . وهذا طريق المعتزلة والطريق الأول أصح وبه نأخذ ثم قال { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } يعني عليم بكل ما يصلح للخلق ثم قال { إِنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } يعني يحكم فيهما بما يشاء من الأمر بعد الأمر . يأمر بأمر ثم بغيره ما يشاء { يُحْيِـي وَيُمِيتُ } يعني يحيي الموتى ويميت الأحياء { وَمَا لَكُم مّن دُونِ ٱللَّهِ } يعني من عذاب الله تعالى { مِن وَلِىّ } يعني من قريب ينفعكم { وَلاَ نَصِيرٍ } يعني مانعاً يمنعكم . وقال الكلبي : يحيي ويميت يعني في السفر ويميت في الحضر يعني إن هذا ترغيب في الجهاد لكي لا يمتنعوا مخافة القتل . قوله تعالى : { لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِىّ } أي تجاوز عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذنه للمنافقين بالتخلف . كقوله { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } [ التوبة : 43 ] ويقال : لقد تاب الله على النبي يعني غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . كما ذكر في أول سورة الفتح . ثم قال { وَٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأنصَـٰرِ } يعني تجاوز عنهم ( ذنوبهم ) لما أصابهم من الشدة في ذلك الطريق ثم نعتهم فقال { ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ } يعني وقت الشدة في غزوة تبوك . كانت لهم العسرة في أربعة أشياء ، عسرة النفقة والركوب والحر والخوف { مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مّنْهُمْ } يعني تميل قلوب طائفة منهم عن الخروج إلى الغزو . ويقال من بعد ما كادوا أن يرجعوا من غزوتهم من الشدة . ويقال هم قوم تخلفوا عنه ثم خرجوا فأدركوه في الطريق { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ } يعني تجاوز عنهم { إِنَّهُ بِهِمْ رَءوفٌ رَّحِيمٌ } حين تاب عليهم . قرأ حمزة وعاصم في رواية حفص " يَزِيغُ قُلُوبُ " بالياء بلفظ المذكر والباقون بالتاء بلفظ التأنيث . والتأنيث إذا لم يكن حقيقياً جاز التذكير والتأنيث لأن الفعل مقدم فيجوز التذكير والتأنيث .