Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 119-121)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } يعني اخشوا الله ولا تعصوه ، يعني من أسلم من أهل الكتاب { وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } قال الضحاك يعني مع الذين صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وأعمالهم وخرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو بإخلاص ونية . ويقال هذا الخطاب ( للمنافقين ) الذين كانوا يعتذرون بالكذب ، ومعناه يا أيها الذين آمنوا في العلانية اتقوا الله وكونوا مع الثلاثة الذين صدقوا . وروي عن كعب بن مالك أنه قال فينا نزلت { وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } وقال الكلبي يعني الأنصار والمهاجرين الذين صلوا القبلتين . وقال مقاتل الذين وصفهم الله تعالى في آية أخرى { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } [ النور : 62 ] الآية . ويقال مع الصادقين في إيمانهم يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً رضوان الله عليهم . حدثنا الفقيه ( أبو جعفر ) قال : حدثنا أبو بكر القاضي . حدثنا أحمد بن جرير . حدثنا قتيبة حدثنا عبد الرحمن ( البخاري ) عن جويبر عن الضحاك في قوله { وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } قال أمروا أن يكونوا مع أبي بكر وعمر وأصحابهما ، رضي الله عنهم قوله تعالى : { مَا كَانَ لاهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مّنَ ٱلأعْرَابِ } يعني المنافقين الذين بالمدينة وحوالي المدينة { أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ } في الغزو { وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ } يعني لا ينبغي أن يكونوا بأنفسهم أبر وأشفق من نفس محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن يتركوا محبته ، ويقال ولا يرغبوا بأنفسهم يعني بإبقاء أنفسهم على إبقاء نفسه . يعني ينبغي لهم أن يتبعوه حينما يريد { ذٰلِكَ } يعني النهي عن التخلف . ويقال ذلك التحضيض الذي حضهم عليه { بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ } في غزوهم { ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ } يعني ولا تعب ولا مشقة في أجسادهم ، ثم قال { وَلاَ مَخْمَصَةٌ } يعني مجاعة { فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَئُُونَ مَوْطِئًا } يعني أرضاً وموضعاً من سهل أو جبل { يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ } يعني يحزن الكفار { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَّيْلاً } يعني لا يصيبون من عدو قتلاً أو غارة أو هزيمة { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ } يعني ثواب عمل صالح . يعني يضاعف حسناتهم على حسنات القاعدين { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } يقول لا يبطل ثواب المجاهدين . وفي هذه الآية دليل أن ما أصاب الإنسان من الشدة يكتب له بذلك ثواب . وقال بعضهم لا يكتب له بالشدة ثواب ولكن يحط عنه الخطيئة . وقال بعضهم لا يكون بالمشقة أجر ولكن بالصبر على ذلك . ثم قال عز وجل { وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً } في الجهاد { صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً } يعني قليلاً ولا كثيراً { وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا } من الأودية مقبلين إلى العدو أو مدبرين { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } يعني كتب لهم ثواب { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يقول ليجزيهم بأعمالهم . ويقال يجزيهم أحسن من أعمالهم ، لأنه يعطي بحسنة واحدة عشرة إلى سبعمائة إلى ما لا يدرك حسابه . ويقال ليجزيهم بأحسن أعمالهم ويصير سائر أعمالهم فضلاً .