Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 60-60)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ } يعني ليست الصدقات للذين يلمزونك في الصدّقات وإِنّما الصدقات { لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ } قال بعضهم الفقراء الضعفاء الأحوال الذين لهم بلغة من العيش بدليل قول الشاعر @ أما الفقير الذي كانت حَلُوبَتُه وَفْقَ العِيال فلم يُترك له سَهَدُ @@ والمسكين الذي لا شيء له بدليل قول الله تعالى { أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } [ البلد : 16 ] يعني الذي لم يكن بينه وبين التراب شيء يقيه منه . وقال بعضهم الفقير الذي لا شيء له والمسكين الذي له أدنى شيء . كما قال الله تعالى { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَـٰكِينَ } [ الكهف : 79 ] سماهم مساكين وإن لهم سفينة . وقال بعضهم : الفقير الذي لا يسأل الناس إلحافاً . كما قال الله تعالى { لِلْفُقَرَاء ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } إلى قوله { لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً } [ البقرة : 273 ] والمسكين الذي يسأل الناس . وقال بعضهم الفقير الذي يسأل الناس والمسكين الذي لا يسأل الناس كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ليس المسكين الذي يطوف على أبوابكم فتردونه باللقمة واللقمتين وإنما المسكين المتعفف الذي لا يسأل الناس ولا يفطن له فيتصدق عليه " وقال قتادة ، الفقير الذي به زمانة والمسكين الصحيح المحتاج . وقال بعضهم الفقير الذي يكون عليه زي الفقر ولا تعرف حاجته والمسكين الذي يكون عليه زي الفقر وتكون حاجته ظاهرة ثم قال : { وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا } وهم السعاة الذين يجبون الصدقات فيعطون على قدر حاجتهم { وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ } وهم قوم كان يعطيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتألفهم بالصدقات على الإسلام وكانوا رؤساء في كل قبيلة ، منهم أبو سفيان بن حرب والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن الفزاري وعباس بن مرداس السلمي وصفوان بن أمية وغيرهم . فلما توفي رسول الله - عليه السلام - جاؤوا إلى أبي بكر وطلبوا منه ، فكتب لهم كتاباً فجاؤوا بالكتاب إلى عمر بن الخطاب ليشهدوه . فقال أي شيء هذا ؟ فقالوا سهمنا . فأخذ عمر الكتاب ومزقه وقال إنما كان يعطيكم النبي - عليه السلام - يتألفكم على الإسلام . فأما اليوم فقد أعز الله الإسلام فإن ثبتم على الإسلام وإلا فبيننا وبينكم السيف ، فرجعوا إلى أبي بكر . فقالوا أنت الخليفة أم هو ؟ قال : هو إن شاء . فبطل سهمهم ثم قال { وَفِي ٱلرّقَابِ } أي : وفي فك الرقاب وهم المكاتبون ثم قال { وَٱلْغَـٰرِمِينَ } يعني : أصحاب الديون الذين استدانوا في غير فساد ولا تبذير . وقال مجاهد ثلاثة من الغارمين رجل ذهب السيل بماله ورجل أصابه حريق فهلك ماله ورجل ليس له مال وله عيال فهو يستدين وينفق على عياله . { وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } وهم الذين يخرجون إلى الجهاد { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } يعني المسافر المنقطع من ماله . قال بعضهم وجب أن يقسم الصدقات على ثمانية أصناف وهو قول الشافعي كما بين في هذه الآية . وقال أصحابنا إذا صرف الصدقات إلى صنف من هذه الأصناف جاز وروي عن حذيفة بن اليمان أنه قال إذا اعطى الرجل الصدقة صنفاً واحداً من الأصناف الثمانية جاز . وعن عبد الله بن عباس أنه قال إذا وضعتها في صنف واحد فحسبك . إنّما قال : { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ } لأن لا تجعلها في غير هذه الأصناف . وعن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه أتي بصدقة فبعث بها إلى أهل بيت واحد . ثم قال تعالى : { فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ } يعني وضع الصدقات في هذه المواضع فريضة من الله وهو مما أمر الله تعالى { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بأهلها { حَكِيمٌ } حكم قسمتها وبينها لأهلها . قوله تعالى : { وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ … }