Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 75-77)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمِنْهُمْ مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ } قال في رواية الكلبي : نزلت الآية في شأن حاطب بن أبي بلتعة كان له مال بالشام فجهد بذلك جهداً شديداً فحلف بالله { لَئِنْ ءاتَـٰنَا مِن فَضْلِهِ } يعني المال الذي بالشام { لَنَصَّدَّقَنَّ } منه ولأؤدين حق الله تعالى منه . فلم يفعل لمَّا أعطاه الله المال . قال مقاتل نزلت في ثعلبة بن حاطب الأنصاري . كان محتاجاً فقال { لَئِنْ ءاتَـٰنَا } الله { مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ } . فابتلاه الله فرزقه ذلك . وذلك أن مولًى لعمر بن الخطاب قتل رجلاً من المنافقين خطأ فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ديته إلى عصبته وهو ثعلبة فبخل ومنع حق الله تعالى قال الفقيه حدثنا أبو الفضل بن أبي حفص قال : حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا معاذ بن رفاعة عن عليّ بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري " جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله ادع الله لي أن يرزقني مالاً . فقال « ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه » . قال ثم رجع إليه فقيل يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً . فقال « ويحك يا ثعلبة أما ترضى أن تكون مثلي . والله لو سألت الله تعالى أن يسيل عليّ الجبال ذهباً وفضة لسالت » . ثم رجع إليه فقال يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً . فوالله لئن آتاني الله مالاً لأؤدين لكل ذي حق حقه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « اللهم ارزق ثعلبة مالاً " فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود ، حتى ضاقت بها أزقة المدينة فتنحى بها . وكان يشهد الصلوات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يخرج إليها . ثم نمت حتى تعذرت عليها مراعي المدينة فتنحى بها وكان يشهد الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يخرج إليها . ثم نمت فترك الجمعة والجماعات وجعل يتلقى الركبان ويقول ماذا عندكم من الخير وما كان من أمر الناس فأنزل الله تعالى على رسوله { خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } [ التوبة : 103 ] فاستعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلين على الصدقات رجلاً من الأنصار ورجلاً من بني سليم وكتب لهما كتاب الصدقة وأمرهما أن يصدقا الناس وأن يمرا بثعلبة فيأخذا منه صدقة ماله ، فأتيا ثعلبة وطلبا منه فقال صدقا الناس فإذا فرغتما فمرا بي . ففعلا فلما رجعا إليه وطلبا منه فأبى وقال ما هذه إلا أخية الجزية فانطلقا . حتى أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه فأنزل الله تعالى { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ ءاتَـٰنَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ فَلَمَّا ءاتَاهُمْ مّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِى قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ } فركب رجل من الأنصار هو ابن عم لثعلبة راحلته حتى أتى ثعلبة فقال ويحك يا ثعلبة هلكت . قد أنزل الله فيك من القرآن كذا وكذا . فأقبل ثعلبة بن حاطب وجعل على رأسه التراب وهو يبكي ويقول يا رسول الله اقبض مني صدقة مالي . فلم يقبض منه صدقةً حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أتى إلى أبي بكر فلم يقبل منه صدقته ثم أتى إلى عمر فلم يقبل صدقته ثم أتى إلى عثمان فلم يقبل صدقته ومات في خلافة عثمان فذلك قوله : { فَلَمَّا ءاتَاهُمْ } يعني : لما أعطاهم { مِن فَضْلِهِ } يعني : من المال { بَخِلُواْ بِهِ } بمنع حق الله تعالى { وَتَوَلَّواْ } عن الصدقة { وَهُم مُّعْرِضُونَ } فلم يفوا بما قالوا { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِى قُلُوبِهِمْ } يقول جعل عاقبتهم على النفاق { إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ } وهو يوم القيامة { بِمَا أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } بقوله لئن آتانا الله من فضله لنصدقن . وقال عبد الله بن مسعود : اعتبروا المنافق بثلاث . إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر . ثم قرأ { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ } إلى قوله { وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } فقد ذكر الثلاثة في هذه الآية . قوله تعالى : { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ … }