Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 99, Ayat: 1-6)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } وذلك أن الناس كانوا يرون في بدء الإسلام أن الله تعالى لا يؤاخذ بالصغائر من الذنوب ولا يعاقب إلا في الكبائر حتى نزلت هذه السورة وقال ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعـمل مثقال ذرة شراً يره ) وذكر أهوال ذلك اليوم وبين أن القليل في ذلك اليوم يكون كثيراً فقال ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) يعني تزلزلت الأرض عند قيام الساعة وتحركت واضطربت حتى يتكسر كل شيء عليها ، ويقال سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قيام الساعة فنزل وبين متى يكون قيام الساعة فقال ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) يعني تزلزلت الأرض وتحركت تحركاً وهو كقوله { وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } [ نوح : 18 ] والمصدر للتأكيد قوله تعالى : { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } يعني أظهرت ما فيها من الكنوز والأموات { وَقَالَ ٱلإِنسَـٰنُ مَا لَهَا } يعني يقول الإنسان الكافر ما لها يعني للأرض على وجه التعجب { يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا } يعني تخبر الأرض بكل ما عَمِلَ عليها بنو آدم من خير أو شر ، تقول للمؤمنين صلّى عليَّ وحج واعتمر وجاهد فيفرح المؤمن ، وتقول للكافر أشرك وسرق وزنا وشرب الخمر فيحزن الكافر فيقول مالها ؟ يعني ما للأرض تحدث بما عمل عليها ؟ على وجه التقديم والتأخير ومعناه يومئذٍ تحدث أخبارها ( وقال الإنسان مالها ) يقول الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } يعني أن الأرض تحدث بأن ربك أذن لها في الكلام وألهمها { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } يعني يرجع الناس متفرقين فريق في الجنة وفريق في السعير فريق مع الحور العين يتمتعون وفريق مع الشياطين يعذبون ، فريق على السندس والديباج على الأرائك متكئون ، وفريق في النار على وجوههم يُجَرُّونَ ، اللهم في الدنيا هكذا كانوا فريقاً حول المساجد والطاعات وفريق في المعاصي والشهوات فذلك قوله ( يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ) يعني فِرقاً فِرَقاً { لّيُرَوْاْ أَعْمَـٰلَهُمْ } يعني ثواب أعمالهم وهكذا كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " ما من أحد يوم القيامة إلا ويلوم نفسه فإن كان محسناً يقول لِمَ لَمْ ازدَدْ إحساناً وإن كان غير ذلك يقول ألا رغبت عن المعاصي ؟ " وهذا عند معاينة الثواب والعقاب وقال أبيّ بن كعب الزلزلة لا تخرج إلا من ثلاثة : إما نظر الله تعالى بالهيبة إلى الأرض ، وإما لكثرة ذنوب بني آدم ، وأما لتحرك الحوت التي عليها الأرضون السبع تأديباً للخلق وتنبيهاً