Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 112, Ayat: 1-4)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُلْ هُو اللهُ أَحَدٌ } اختلف في سبب نزول هذه الآية على ثلاثة أقاويل : أحدها : أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم هذا الله خَلَق الخلْق ، فمن خلَقَ الله ؟ فنزلت هذه السورة جواباً لهم ، قاله قتادة . الثاني : أن مشركي قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك ، فأنزل الله هذه السورة ، وقال : يا محمد انسبني إلى هذا ، وهذا قول أُبي بن كعب . الثالث : ما رواه أبو روق عن الضحاك أن المشركين أرسلوا عامر بن الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : قل له شققت عصانا وسببت آلهتنا وخالفت دين آبائك ، فإن كنت فقيراً أغنيناك وإن كنت مجنوناً داويناك ، وإن هويت امرأة زوجناكها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لست بفقير ولا مجنون ولا هويت امرأة ، أنا رسول الله إليكم ، أدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادته " ، أرسلوه ثانية وقالوا له : قل له بيّن لنا جنس معبودك ، فأنزل الله هذه السورة ، فأرسلوه ثالثة وقالوا : قل له لنا ثلاثمائة وستون صنماً لا تقوم بحوائجنا ، فكيف يقوم إله واحِد بحوائج الخلق كلهم ؟ فأنزل الله سورة الصافات إلى قوله { إن إلهاكم لواحد } يعني في جميع حوائجكم ، فأرسلوه رابعة وقالوا : قل له بيّن لنا أفعال ربك ، فأنزل الله تعالى : { إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض } الآية ، وقوله { الذي خلقكم ثم رزقكم } . { قل هو الله أحد } خرج مخرج جواب السائل عن الله تعالى ، فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم { قل هو اللهُ أحَدٌ } والأحد : هو المتفرد بصفاته الذي لا مِثل له ولا شبه . فإن قيل : فلم قال " أحَدٌ " على وجه النكرة ، ولم يقل الأحَدُ ؟ قيل عنه جوابان : أحدهما : أنه حذف لام التعريف على نية إضمارها فصارت محذوفة في الظاهر ، مثبتة في الباطن ، ومعناه قل هو الله الأحد . الثاني : أنه ليس بنكرة ، وإنما هو بيان وترجمة ، قاله المبرد . فأما الأحد والواحد ففيهما وجهان : أحدهما : أن الأحد لا يدخل العدد ، والواحد يدخل في العدد ، لأنك تجعل للواحد ثانياً ، ولا تجعل للأحد ثانياً . الثاني : أن الأحد يستوعب جنسه ، والواحد لا يستوعب ، لأنك لو قلت فلان لا يقاومه أحد ، لم يجز أن يقاومه اثنان ولا أكثر ، فصار الأحد أبلغ من الواحد . وفي تسميتها بسورة الإخلاص ثلاثة أوجه : أحدها : لأن في قراءتها خلاصاً من عذاب الله . الثاني : لأن فيها إخلاص لله من كل عيب ومن كل شريك وولد ، قاله عبد الله ابن المبارك . الثالث : لأنها خالصة لله ليس فيها أمر ولا نهي . { اللَّهُ الصّمَدُ } فيه عشرة تأويلات : أحدها : أن الصمد المصمت الذي لا جوف له ، قاله الحسن وعكرمه والضحاك وابن جبير ، قال الشاعر : @ شِهابُ حُروب لا تَزالُ جيادُه عوابسَ يعْلُكْنَ الشكيمَ المُصَمّدا @@ الثاني : هو الذي لا يأكل ولا يشرب ، قاله الشعبي . الثالث : أنه الباقي الذي لا يفنى ، قاله قتادة ، وقال الحسن : إنه الدائم الذي لم يزل ولا يزال . الرابع : هو الذي لم يلد ولم يولد ، قاله محمد بن كعب . الخامس : أنه الذي يصمد الناس إليه في حوائجهم ، قاله ابن عباس ، ومنه قول الشاعر : @ ألا بكّر الناعي بخَيريْ بني أسدْ بعمرِو بن مَسعودٍ وبالسيّد الصَّمَد . @@ السادس : أنه السيد الذي قد انتهى سؤدده ، قاله أبو وائل وسفيان وقال الشاعر : @ عَلوْتُه بحُسامٍ ثم قلت له خُذْها حُذَيْفَ فأنت السيّد الصَّمَدُ . @@ السابع : أنه الكامل الذي لا عيب فيه ، قاله مقاتل ، ومنه قول الزبرقان : @ ساروا جَميعاً بنصْفِ الليلِ واعْتَمدوا ألاّ رهينةَ إلا السيّدُ الصَمَدُ . @@ الثامن : أنه المقصود إليه في الرغائب ، والمستغاث به في المصائب ، قاله السدي . التاسع : أنه المستغني عن كل أحد قاله أبو هريرة . العاشر : أنه الذي يفعل مايشاء ويحكم بما يريد ، قاله الحسين بن فضيل . { لم يَلِدْ ولم يُولَدْ } فيه وجهان : أحدهما : لم يلد فيكون والداً ، ولم يولد فيكون ولداً ، قاله ابن عباس . الثاني : لم يلد فيكون في العز مشاركاً ، ولم يولد فيكون موروثاً هالكاً ، قاله الحسين بن فضيل . وإنما كان كذلك لأمرين : أحدهما : أن هاتين صفتا نقص فانتفتا عنه . الثاني : أنه لا مثل له ، فلو وَلَدَ أو وُلدِ لصار ذا مثل ، والله تعالى منزه عن أن يكون له مثل . { ولم يَكُن له كُفُواً أَحَدٌ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : لم يكن له مثل ولا عديل ، قاله أبي بن كعب وعطاء . الثاني : يعني لم تكن له صاحبة ، فنفى عنه الولد والوالدة والصاحبة ، قاله مجاهد . الثالث : أنه لا يكافئه في خلقه أحد ، قاله قتادة وفيه تقديم وتأخير ، تقديره : ولم يكن له أحدٌ كُفواً ، فقدم خبر كان على اسمها لتنساق أواخر الآي على نظم واحد .