Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 30-34)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وقال نسوة في المدينة } قال جويبر : كن أربعاً : امرأة الحاجب وامرأة الساقي وامرأة الخباز وامرأة القهرمان . قال مقاتل : وامرأة صاحب السجن وفي هذه المدينة قولان : أحدهما : مصر . الثاني : عين شمس . { امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه } قلن ذلك ذماً لها وطعناً فيها وتحقيقاً لبراءة يوسف وإنكاراً لذنبه . والعزيز اسم الملك مأخوذ من عزته ، ومنه قول أبى داؤد : @ درة غاص عليها تاجر جلبت عند عزيز يوم طل @@ { قد شغفها حبّاً } أي قد دخل حبه من شغاف قلبها . وفي شغاف القلب خمسة أقاويل : أحدها : أنه حجاب القلب ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه غلاف القلب وهو جلدة رقيقة بيضاء تكون على القلب وربما سميت لباس القلب ، قاله السدي وسفيان . الثالث : أنه باطن القلب ، قاله الحسن ، وقيل هو حبة القلب . الرابع : أنه ما يكون في الجوف ، قاله الأصمعي . الخامس : هو الذعر والفزع الحادث عن شدة الحب ، قاله إبراهيم . وقد قرىء في الشواذ عن ابن محيصن : قد شعفها حباً ( بالعين غير معجمة ) واختلف في الفرق بينهما على قولين : أحدهما : أن الشغف بالغين معجمة هو الجنون وبالعين غير معجمة هو الحب ، قاله الشعبي . والثاني : أن الشغف بالإعجام الحب القاتل ، والشعف بغير إعجام دونه ، قاله ابن عباس وقال أبو ذؤيب : @ فلا وجْدَ إلا دُون وجْدٍ وجَدته أصاب شغافَ القلب والقلبُ يشغف @@ { إنا لنراها في ضلال مبين } فيه وجهان : أحدهما : في ضلال عن الرشد وعدول عن الحق . الثاني : معناه في محبة شديدة . ولما اقترن شدة حبها بالشهوة طلبت دفع الضرر عن نفسها بالكذب عليه ، ولو خلص من الشهوة طلبت دفع الضرر عنه بالصدق على نفسها . قوله عز وجل : { فلما سمعت بمكرهن } فيه وجهان : أحدهما : أنه ذمهن لها وإنكارهن عليها . الثاني : أنها أسرت إليهن بحبها له فأشعْن ذلك عنها . { أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ } وفي { أعتدت } وجهان : أحدهما : أنه من الإعداد . الثاني : أنه من العدوان . وفي ( المُتْكَأ ) ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه المجلس ، قاله ابن عباس والحسن . والثاني : أنه النمارق والوسائد يتكأ عليها ، قاله أبو عبيدة والسدي . الثالث : أنه الطعام مأخوذ من قول العرب اتكأنا عند فلان أي طعمنا عنده ، وأصله أن من دعي إلى طعام أُعد له متكأ فسمي الطعام بذلك متكأ على الاستعارة . فعلى هذا أي الطعام هو ؟ فيه أربعة أقاويل : أحدها : أنه الزُّماورد ، قاله الضحاك وابن زيد . الثاني : أنه الأترج ، قاله ابن عباس ومجاهد وهو وتأويل من قرأها مخففة غير مهموزة ، والمتْك في كلامهم الأترج ، قال الشاعر : @ نشرب الإثم بالصُّواع جهارا وترى المتك بيننا متسعارا @@ والإثم : الخمر ، والمتك : الأترج . الثالث : أنه كل ما يجز بالسكين وهو قول عكرمة لأنه في الغالب يؤكل على متكأ . الرابع : أنه كل الطعام والشراب على عمومه ، وهو قول سعيد بن جبير وقتادة . { وآتت كلَّ واحدة منهن سكيناً وقالت اخرج عليهن } وإنما دفعت ذلك إليهن في الظاهر معونة على الأكل ، وفي الباطن ليظهر من دهشتهن ما يكون شاهداً عليهن . قال الزجاج : كان كالعبد لها فلم تمكنه أن يخرج إلا بأمرها . { فلما رأينه أكبرنه } وفيه ثلاثة تأويلات : أحدها : معناه أعظمنه ، قاله ابن عباس . الثاني : معناه وجدن شأنه في الحسن والجمال كبيراً ، قال ابن بحر . الثالث : معناه : حضن عند رؤيته ، وهو قول رواه عبد الصمد بن علي الهاشمي عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس . وقيل : إن المرأة إذا جزعت أو خافت حاضت ، وقد يسمى الحيض إكباراً ، قال الشاعر : @ نأتي النساء على أطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكباراً @@ { وقطعن أيديهن } دهشاً ليكون شاهداً عليهن على ما أضمرته امرأة العزيز فيهن . وفي قطع أيديهن وجهان : أحدهما : أنهن قطعن أيديهن حتى بانت . الثاني : أنهن جرحن أيديهن حتى دميت ، من قولهم قطع فلان يده إذا جرحها . { وقلن حاش لله } بالألف في قراءة أبي عمرو ونافع في رواية الأصمعي وقرأ الباقون حاش لله بإسقاط الألف ، ومعناهما واحد . وفي تأويل ذلك وجهان : أحدهما : معاذ الله ، قاله مجاهد . الثاني : معناه سبحان الله ، قاله ابن شجرة . وفي أصله وجهان : أحدهما : أنه مأخوذ من قولهم كنت في حشا فلا أي في ناحيته . والثاني : أنه مأخوذ من قولهم حاش فلاناً أى اعزله في حشا يعني في ناحية . { ما هذا بشراً } فيه وجهان : أحدهما : ما هذا أهلاً للمباشرة . الثاني : ما هذا من جملة البشر . وفيه وجهان : أحدهما : لما علمهن من عفته وأنه لو كان من البشر لأطاعها . الثاني : لما شاهدن من حسنه البارع وجماله البديع { إن هذا إلا ملك كريم } وقرىء ما هذا بشراً ( بكسر الباء والشين ) أى ما هذا عبداً مشترى إن هذا إلا ملك كريم ، مبالغة في تفضيله في جنس الملائكة تعظيماً لشأنه . قوله عزوجل { قال رب السجن أحب إلىَّ مما يدعونني إليه } وهذا يدل على أنها دعته إلى نفسها ثانية بعد ظهور حالهما ، فقال : { رب السجن أحب إلىَّ } يعني الحبس في السجن أحب إليَّ مما يدعونني إليه . ويحتمل وجهين : أحدهما : أنه أراد امرأة العزيز فيما دعته إليه من الفاحشة وكنى عنها بخطاب الجمع إما تعظيماً لشأنها في الخطاب وإما ليعدل عن التصريح إلى التعريض . الثاني : أنه أراد بذلك جماعة النسوة اللاتي قطعن أيديهن حين شاهدنه لاستحسانهن له واستمالتهن لقلبه . { وإِلاَّ تصرف عني كيدهن } يحتمل وجهين : أحدهما : ما دعي إليه من الفاحشة إذا أضيف ذلك إلى امرأة العزيز . الثاني : استمالة قلبه إذا أضيف ذلك إلى النسوة . { أصْبُ إِليهن } فيه وجهان : أحدهما : أتابعهن ، قاله قتادة . الثاني : أمل إليهن ، ومنه قول الشاعر :