Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 16-20)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { ولقد جعلنا في السماء بروجاً } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أنها قصور في السماء فيها الحرس ، قاله عطية . الثاني : أنها منازل الشمس والقمر ، قاله علي بن عيسى . الثالث : أنها الكواكب العظام ، قاله أبو صالح ، يعني السبعة السيارة . الرابع : أنها النجوم ، قاله الحسن وقتادة . الخامس : أنها البروج الاثنا عشر . وأصل البروج الظهور ، ومنه تبرجت المرأة إذا أظهرت نفسها . { وزيناها للناظرين } أي حسنّاها . { وحفظناها من كل شيطان رجيم } يعني السماء . وفي الرجيم ثلاثة أوجه : أحدها : أنه الملعون ، قاله قتادة . الثاني : المرجوم بقول أو فعل ، ومنه قول الأعشى : @ يظل رجيماً لريب المنون والسقم في أهله والحزن @@ الثالث : أنه الشتيم . زعم الكلبي أن السموات كلها لم تحفظ من الشياطين إلى زمن عيسى ، فلما بعث الله تعالى عيسى حفظ منها ثلاث سموات ، إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفظ جميعها بعد بعثه وحرسها منهم بالشهب . قوله عز وجل : { إلا من استرق السمع } ومسترق السمع من الشياطين يسترقه من أخبار الأرض دون الوحي ، لأن الله تعالى قد حفظ وحيه منهم . ومن استراقهم له قولان : أحدهما : أنهم يسترقونه من الملائكة في السماء . الثاني : في الهواء عند نزول الملائكة من السماء . وفي حصول السمع قبل أخذهم بالشهاب قولان : أحدهما : أن الشهاب يأخذهم قبل وصولهم إلى السمع ، فيصرفون عنه . الثاني : أنه يأخذهم بعد وصول السمع إليهم . وفي أخذهم بالشهاب قولان : أحدهما : أنه يخرج ويحرق ولا يقتل ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه يقتل ، قاله الحسن وطائفة . فعلى هذا القول في قتلهم بالشهب قبل إلقاء السمع إلى الجن قولان : أحدهما : أنهم يقتلون قبل إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم ، فعلى هذا لا تصل أخبار السماء إلى غير الأنبياء ، قاله ابن عباس : ولذلك انقطعت الكهانة . الثاني : أنهم يقتلون بعد إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم من الجن ، ولذلك ما يعودون إلى استراقه ، ولو لم يصل لانقطع الإستراق وانقطع الإحراق . وفي الشهب التي يرجمون بها قولان : أحدهما : أنها نور يمتد بشدة ضيائه فيحرقهم ولا يعود ، كما إذا أحرقت النار لم تعد . الثاني : أنها نجوم يرجمون بها وتعود إلى أماكنها ، قال ذو الرمة : @ كأنه كوكب في إثر عفريةٍ مُسَوَّمٌ في سوادِ الليل منقضبُ @@ قوله عز وجل : { والأرض مددناها } أي بسطناها . قال قتادة . بسطت من مكة لأنها أم القرى . { وألقينا فيها رواسي } وهي الجبال . { وأنبتنا فيها من كل شيء موزون } فيه أربعة أقاويل : أحدها : يعني مقدر معلوم ، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير . وإنما قيل { موزون } لأن الوزن يعرف به مقدار الشيء . قاله الشاعر : @ قد كنت قبل لقائكم ذا مِرّةٍ عندي لكل مُخاصِم ميزانُه @@ الثاني : يعني به الأشياء التي توزن في أسواقها ، قاله الحسن وابن زيد . الثالث : معناه مقسوم ، قاله قتادة . الرابع : معناه معدود ، قاله مجاهد . ويحتمل خامساً : أنه ما يوزن فيه الأثمان لأنه أجل قدراً وأعم نفعاً مما لا ثمن له . قوله عز وجل : { وجعلنا لكم فيها معايش } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أنها الملابس ، قاله الحسن . الثاني : أنها المطاعم والمشارب التي يعيشون فيها ، ومنه قول جرير : @ تكلفني معيشة آل زيدٍ ومَن لي بالمرقق والصنابِ @@ الثالث : أنها التصرف في أسباب الرزق مدة أيام الحياة ، وهو الظاهر . { ومن لستم له برازقين } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها الدواب والأنعام ، قاله مجاهد . الثاني : أنها الوحوش ، قاله منصور . الثالث : العبيد والأولاد الذين قال الله فيهم { نحن نرزقهم وإياكم } [ الإسراء : 31 ] قاله ابن بحر .