Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 4-8)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب } . معنى قضينا ها هنا : أخبرنا . ويحتمل وجهاً ثانياً : أن معناه حكمنا ، قاله قتادة . ومعنى قوله : { وقضينا إلى بني إسرائيل } أي قضينا عليهم . { لتفسدن في الأرض مرتين } الفاسد الذي فعلوه قتلهم للناس ظلماً وتغلبهم على أموالهم قهراً ، وإخراب ديارهم بغياً . وفيمن قتلوه من الأنبياء في الفساد الأول قولان : أحدهما : أنه زكريا قاله ابن عباس . الثاني : أنه شعياً ، قاله ابن إسحاق ، وأن زكريا مات حتف أنفه . أما المقتول من الأنبياء في الفساد الثاني فيحيى بن زكريا في قول الجميع قال مقاتل : وإن كان بينهما مائتا سنة وعشر . { فإذا جاء وعْد أولاهما } يعني أولى المرتين من فسادهم . { بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأسٍ شديدٍ } في قوله بعثنا وجهان : أحدهما : خلينا بينكم وبينهم خذلاناً لكم بظلمكم ، قاله الحسن . الثاني : أمرنا بقتالكم انتقاماً منكم . وفي المبعوث عليهم في هذه المرة الأولى خمسة أقاويل : أحدها : جالوت وكان ملكهم طالوت إلى أن قتله داود عليه السلام ، قاله ابن عباس وقتادة . الثاني : أنه بختنصر ، وهو قول سعيد بن المسيب . الثالث : أنه سنحاريب ، قاله سعيد بن جبير . الرابع : أنهم العمالقة وكانوا كفاراً ، قاله الحسن . الخامس : أنهم كانوا قوماً من أهل فارس يتجسسون أخبارهم ، وهو قول مجاهد . { … فجاسوا خلال الديار } فيه خمسة تأويلات : أحدها : يعني مشوا وترددوا بين الدور والمساكن ، قال ابن عباس وهو أبلغ في القهر . الثاني : معناه فداسوا خلال الديار ، ومنه قول الشاعر : @ إِلَيْكَ جُسْتُ اللَّيْلَ بِالمَطِيِّ @@ الثالث : معناه فقتولهم بين الدور والمساكن ، ومنه قول حسان بن ثابت : @ ومِنَّا الَّذِي لاقَى بِسَيْفِ مُحَمَّدٍ فَجَاس بهِ الأَعْدَاءَ عَرْضَ العَسَاكر @@ الرابع : معناه فتشوا وطلبوا خلال الديار ، قاله أبو عبيدة . الخامس : معناه نزلوا خلال الديار ، قاله قطرب ، ومنه قول الشاعر : @ فَجُسنا ديارهم عَنْوَةً وأبنا بساداتهم موثَقينا @@ قوله عز وجل : { ثم رددنا لكم الكرة عليهم } يعني الظفر بهم ، وفي كيفية ذلك ثلاثة أقاويل : أحدها : أن بني إسرائيل غزوا ملك بابل واستنقذوا ما فيه يديه من الأسرى والأموال . الثاني : أن ملك بابل أطلق من في يده من الأسرى ، وردّ ما في يده من الأموال . الثالث : أنه كان بقتل جالوت حين قتله داود . { وأمددناكم بأموالٍ وبنين } بتجديد النعمة عليهم . { وجعلناكم أكثر نفيراً } فيه وجهان : أحدهما : أكثر عزاً وجاهاً منهم . الثاني : أكثر عدداً ، وكثرة العدد تنفر عدوهم منهم ، قال تُبع بن بكر : @ فأكرِم بقحْطَانَ مِن وَالِدٍ وحِمْيَرَ أَكْرِم بقَوْمٍ نَفِيراً @@ قال قتادة : فكانوا بها مائتي سنة وعشر سنين ، وبعث فيهم أنبياء . قوله عز وجل : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم } لأن الجزاء بالثواب يعود إليها ، فصار ذلك إحساناً لها . { وإن أسأتُم فلها } أي فإليها ترجع الإساءة لما يتوجه إليها من العقاب ، فرغَّب في الإحسان وحذر من الإساءة . ثم قال تعالى : { فإذا جاءَ وعْدُ الآخرة ليسوءُوا وجُوهكم } يعني وعد المقابلة على فسادهم في المرة الثانية . وفيمن جاءهم فيها قولان : أحدهما : بختنصّر ، قاله مجاهد . الثاني : أنه انطياخوس الرومي ملك أرض نينوى ، وهو قول مقاتل ، وقيل إنه قتل منهم مائة ألف وثمانين ألفاً ، وحرق التوراة وأخرب بيت المقدس ، ولم يزل على خرابه حتى بناه المسلمون . { وليدخلوا المسجد كما دَخلوه أوّل مرّة } يعني بيت المقدس . { وليتبروا ما علوا تتبيراً } فيه تأويلان : أحدهما : أنه الهلاك والدمار . الثاني : أنه الهدم والإخراب ، قاله قطرب ، ومنه قول لبيد : @ وما النَّاسُ إلا عَامِلان فَعَامِلٌ يُتَبِّرُ مَا يَبْنِي وَآخَرُ رَافِعٌ @@ قوله عز وجل : { عسى ربُّكم أن يرحمكم } يعني مما حل بكم من الانتقام منكم . { وإن عدتم عدنا } فيه تأويلان : أحدهما : إن عدتم إلى الإساءة عدنا إلى الانتقام ، فعادوا . قال ابن عباس وقتادة : فبعث الله عليهم المؤمنين يذلونهم بالجزية والمحاربة إلى يوم القيامة . الثاني : إن عدتم إلى الطاعة عدنا إلى القبول ، قاله بعض الصالحين . { وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً } فيه تأويلان : أحدهما : يعني فراشاً ومهاداً ، قاله الحسن : مأخوذ من الحصير المفترش . الثاني : حبساً يحبسون فيه ، قاله قتادة ، مأخوذ من الحصر وهو الحبس . والعرب تسمي الملك حصيراً لأنه بالحجاب محصور ، قال لبيد :