Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 56-57)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { أولئك الذين يدعون يبتغُون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقْرَبُ } الآية فيها ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها نزلت في نفر من الجن كان يعبدهم قوم من الإنس ، فأسلم الجن ابتغاء الوسيلة عند ربهم ، وبقي الإنس على كفرهم ؛ قاله عبد الله بن مسعود . الثاني : أنهم الملائكة كانت تعبدهم قبائل من العرب ، وهذا مروي عن ابن مسعود أيضاً . الثالث : هم وعيسى وأُمُّهُ ، قاله ابن عباس ومجاهد . وهم المعنيّون بقوله تعالى { قلِ ادعُوا الذين زعمتم مِن دونه } وتفسيرها أن قوله تعالى { اولئك الذين يدعون } يحتمل وجهين : أحدهما : يدعون الله تعالى لأنفسهم . الثاني : يدعون عباد الله الى طاعته . وقوله تعالى : { يبتغون إلى ربهم الوسيلة } وهي القربة ، وينبني تأويلها على احتمال الوجهين في الدعاء . فإن قيل إنه الدعاء لأنفسهم كان معناه يتوسلون إلى الله تعالى بالدعاء إلى ما سألوا . وإن قيل دعاء عباد الله إلى طاعته كان معناه أنهم يتوسلون لمن دعوه إلى مغفرته . { أيهم أقرَبُ } تأويله على الوجه الأول : أيهم أقرب في الإجابة . وتأويله على الوجه الثاني : أيهم أقرب إلى الطاعة . { ويرجون رحمته ويخافون عذابهُ } يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون هذا الرجاء والخوف في الدنيا . الثاني : أن يكونا في الآخرة . فإن قيل إنه في الدنيا احتمل وجهين : أحدهما : أن رجاء الرحمة التوفيق والهداية ، وخوف العذاب شدة البلاء . وإن قيل إن ذلك في الآخرة احتمل وجهين : أحدهما : أن رجاء الرحمة دوام النعم وخوف عذاب النار . الثاني : أن رجاء الرحمة العفو ، وخوف العذاب مناقشة الحساب . ويحتمل هذا الرجاء والخوف وجهين : أحدهما : أن يكون لأنفسهم إذا قيل إن أصل الدعاء كان لهم . الثاني : لطاعة الله تعالى إذا قيل إن الدعاء كان لغيرهم . ولا يمتنع أن يكون على عمومه في أنفسهم وفيمن دعوه . قال سهل بن عبد الله : الرجاء والخوف ميزانان على الإنسان فإذا استويا استقامت أحواله ، وإن رجح أحدهما بطل الآخر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو وزن رجاء المؤمن وخوفه لاعتدلا " .