Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 32-36)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين } الجنة : البستان ، فإذا جمع العنب والنخل وكان تحتها زرع فهي أجمل الجنان وأجداها نفعاً ، لثمر أعاليها وزرع أسافلها ، وهو معنى قوله { وجعلنا بينهما رزعاً } . { كلتا الجَنتين آتت أكلُها } أي ثمرها وزرعها ، وسماه أكُلاً لأنه مأكول . { ولم تظلم منه شيئاً } أي استكمل جميع ثمارها وزرعها . { وفجرنا خِلالهما نهراً } يعني أن فيهما أنهاراً من الماء ، فيكون ثمرها وزرعها بدوام الماء فيهما أو في وأروى ، وهذه غاية الصفات فيما يجدي ويغل . وفي ضرب المثل في هاتين الجنتين قولان : أحدهما : ما حكاه مقاتل بن سليمان أنه إخبار الله تعالى عن أخوين كانا في بني إسرائيل ورثا عن أبيهما مالاً جزيلاً ، قال ابن عباس ثمانية آلاف دينار . فأخذ أحدهما حقه وهو مؤمن فتقرب به إلى الله تعالى ، وأخذ الآخر حقه منه وهو كافر فتملك به ضياعاً منها هاتان الجنتان ، ولم يتقرب إلى الله تعالى بشيء منه ، فكان من حاله ما ذكره الله من بعد ، فجعله الله تعالى مثلاً لهذه الأمة . والقول الثاني : أنه مثل ضربه الله تعالى لهذه الأمة ، وليس بخبر عن حال متقدمة ، ليزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة ، وجعله زجراً وإنذاراً . قوله عز وجل : { وكان له ثمرٌ } قرأ عاصم بفتح الثاء والميم ، وقرأ أبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم ، وقرأ الباقون ثُمُر بضم الثاء والميم . وفي اختلاف هاتين القراءتين بالضم والفتح قولان : أحدهما : معناهما واحد ، فعلى هذا فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أنه الذهب والفضة ، قاله قتادة ، لأنها أموال مثمرة . الثاني : أنه المال الكثير من صنوف الأموال ، قاله ابن عباس لأن تثميره أكثر الثالث : أنه الأصل الذي له نماء ، قاله ابن زيد ، لأن في النماء تثميراً . والقول الثاني : أن معناهما بالضم وبالفتح مختلف ، فعلى هذا في الفرق . بينهما ، أربعة أوجه : أحدها : أنه بالفتح جمع ثمرة ، وبالضم جمع ثمار . الثاني : أنه بالفتح ثمار النخيل خاصة ، وبالضم جميع الأموال ، قاله ابن بحر . الثالث : أنه بالفتح ما كان ثماره من أصله ، وبالضم ما كان ثماره من غيره . الرابع : أن الثمر بالضم الأصل ، وبالفتح الفرع ، قاله ابن زيد . وفي هذا الثمر المذكور قولان : أحدهما : أنه ثمر الجنتين المتقدم ذكرهما ، وهو قول الجمهور . الثاني : أنه ثمر ملكه من غير جنتيه ، وأصله كان لغيره كما يملك الناس ثماراً لا يملكون أصولها ، قاله ابن عباس ، ليجتمع في ملكه ثمار أمواله وثمار غير أمواله فيكون أعم مِلكا . { فقال لصاحبه } يعني لأخيه المسلم الذي صرف ماله في القُرب طلباً للثواب في الآخرة ، وصرف هذا الكافر ماله فيما استبقاه للدنيا والمكاثرة . { وهو يحاوره } أي يناظره ، وفيما يحاوره فيه وجهان : أحدهما : في الإيمان والكفر . الثاني : في طلب الدنيا وطلب الآخرة ، فجرى بينهما ما قصة الله تعالى من قولهما .