Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 45-46)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نباتُ الأرض } يحتمل وجهين : أحدهما : أن الماء اختلط بالنبات حين استوى . الثاني : أن النبات اختلط بعضه ببعض حين نزل عليه الماء حتى نما . { فأصبح هشيماً تذروهُ الرياحُ } يعني بامتناع الماء عنه ، فحذف ذلك إيجازاً لدلالة الكلام عليه ، والهشيم ما تفتت بعد اليبس من أوراق الشجر والزرع ، قال الشاعر : @ فأصبحت نيّماً أجسادهم يشبهها من رآها الهشيما @@ واختلف في المقصود بضرب هذا المثل على قولين : أحدهما : أن الله تعالى ضربه مثلاً للدنيا ليدل به على زوالها بعد حسنها وابتهاجها : الثاني : أن الله تعالى ضربه مثلاُ لأحوال أهل الدنيا أن مع كل نعمة نقمة ومع كل فرحة ترحة . قوله عز وجل : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } لأن في المال جمالاً ونفعاً وفي { البنين } قوة ودفعاً فصارا زينة الحياة الدنيا . { والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخيرٌ أملاً } فيها أربعة تأويلات : أحدها : أنها الصلوات الخمس ، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير . الثاني : أنها الأعمال الصالحة ، قاله ابن زيد . الثالث : هي الكلام الطيب . وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً ، وقاله عطية العوفي . الرابع : هو قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه . وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هي الباقيات الصالحات " . وفي { الصالحات } وجهان : أحدهما : أنها بمعنى الصالحين لأن الصالح هو فاعل الصلاح . الثاني : أنها بمعنى النافعات فعبر عن المنفعة بالصلاح لأن المنفعة مصلحة . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لما عُرج بي إلى السماء أريت إبراهيم فقال : مر أمتك أن يكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة ، فقلت وما غراس الجنة ؟ قال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " . { خير عند ربك ثواباً } يعني في الآخرة ، { وخير أملاً } يعني عند نفسك في الدنيا ، ويكون معنى قوله { وخيرٌ أملاً } يعني أصدق أملاً ، لأن من الأمل كواذب وهذا أمل لا يكذب .