Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 116-117)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً } فيه قولان : أحدهما : أنهم النصارى في قولهم : المسيح ابن الله . والثاني : أنهم مشركو العرب في قولهم : الملائكة بنات الله . { سُبْحَانَهُ ، بَل لَّهُ مَا في السَّمَواتِ والأَرْضِ } قوله : { سُبْحَانَهُ } تنزيهاً له من قولهم { اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً } . قوله : { لَهُ مَا في السَّمَواتِ والأَرْضِ } أي خالق ما في السموات والأرض . { كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أي مطيعون ، وهذا قول قتادة ، والسدي ، ومجاهد . والثاني : أي مقرون له بالعبودية ، وهو قول عكرمة . والثالث : أي قائمون ، يعني يوم القيامة ، وهذا قول الربيع ، والقانت في اللغة القائم ، ومنه القنوت في الصلاة ، لأنه الدعاء في القيام . قوله تعالى : { بَدِيعُ السَّمَواتِ والأَرْضِ } يعني منشئها على غير حد ولا مثال ، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه ، يقال له مبدع ، ولذلك قيل لمن خالف في الدين : مبتدع ، لإحداثه ما لم يسبق إليه { وَإِذَا قَضَى أَمْراً } أي أحكمه وحتمه ، وأصله الإحكام والفراغ ، ومنه قيل للحاكم قاض ، لفصله الأمور وإحكامه بين الخصوم ، وقيل للميت قد قَضَى أي فرغ من الدنيا ، قال أبو ذؤيب : @ وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تُبّع @@ معنى قضاهما أي أحكمهما . وقال الشاعر في عمر بن الخطاب : @ قضيت أموراً ثم غادرت بعدها بوائج في أكمامها لم تفتق @@ { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } فإن قيل في أي حال يقول له كن فيكون ؟ أفي حالة عدمه أم في حال وجوده ؟ فإن كان في حال عدمه ، استحال أن يأمر إلا مأموراً ، كما يستحيل أن يكون الأمر إلا من آمر ، وإن كان في حال وجوده ، فتلك حال لا يجوز أن يأمر فيها بالوجود والحدوث ، لأنه موجود حادث ؟ . قيل : عن هذا السؤال أجوبة ثلاثة : أحدها : أنه خبر من الله تعالى عن نفوذ أوامره في خلقه الموجود ، كما أمر في بني إسرائيل ، أن يكونوا قردة خاسئين ، ولا يكون هذا وارداً في إيجاد المعدومات . الثاني : أن الله عز وجل عالم ، بما هو كائن قبل كونه ، فكانت الأشياء التي لم تكن وهي كائنة بعلمه ، قبل كونها مشابهة للأشياء التي هي موجودة ، فجاز أن يقول لها كوني ، ويأمرها بالخروج من حال العدم إلى حال الوجود ، لتصور جميعها له ولعلمه بها في حال العدم . والثالث : أن ذلك خبر من الله تعالى ، عامٌ عن جميع ما يُحْدِثُه ، ويكوّنه ، إذا أراد خلقه وإنشاءه كان ووجد من غير أن يكون هناك قول يقوله ، وإنما هو قضاء يريده ، فعبر عنه بالقول وإن لم يكن قولاً ، كقول أبي النجم : @ قد قالت الأنساع للبطن الحق قدما فآضت كالغسق المحقق @@ ولا قول هناك ، وإنما أراد أن الظهر قد لحق بالبطن ، وكقوله عمرو بن حممة الدوسي .