Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 130-132)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إبْرَاهِيمَ إلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أن ذلك سفّه نفسه ، أي فَعَلَ بها من السفه ما صار به سفيهاً ، وهذا قول الأخفش . والثاني : أنها بمعنى سفه في نفسه ، فحذف حرف الجر كما حذف من قوله تعالى : { وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ } أي عَلَى عقدة النكاح ، وهذا قول الزجَّاج . والثالث : أنها بمعنى أهلك نفسه وأوْبَقَهَا ، وهذا قول أبي عبيدة . قال المبرِّد وثعلب : سَفِه بكسر الفاء يتعدى ، وسفُه بضم الفاء لا يتعدى . { وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا } أي اخترناه ، ولفظه مشتق من الصفوة ، فيكون المعنى : اخترناه في الدنيا للرسالة . { وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } لنفسه في إنجائها من الهلكة . قوله تعالى : { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ } الهاء كناية ترجع إلى الملة لتَقَدُّم قولهِ : { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهيمَ } ووصّى أبلغ من أوصى ، لأن أوصى يجوز أن يكون قاله مرة واحدة ، وَوَصَّى لا يكون إلا مراراً . { وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } والمعنى أن إبراهيم وَصَّى ، ثم وَصَّى بعده يعقوبُ بَنِيهِ ، فقالا جميعاً : { يَا بَنِيَّ إنَّ الله اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } يعني اختار لكم الدين ، أي الإسلام ، { فَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُمْ مُسْلِمُونَ } فإن قيل : كيف يُنْهَونَ عن الموت وليس من فعلهم ، وإنما يُمَاتُون ؟ قيل : هذا في سعة اللغة مفهوم المعنى ، لأن النهي تَوَجَّهَ إلى مفارقة الإسلام ، لا إلى الموت ، ومعناه : الزموا الإسلام ولا تفارقوه إلى الموت .