Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 14-15)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِذَا خَلَوْا إِلى شَيَاطِينِهِمْ } في شياطينهم قولان : أحدهما : أنهم اليهود ، الذين يأمرونهم بالتكذيب ، وهو قول ابن عباس . والثاني : رؤوسهم في الكفر ، وهذا قول ابن مسعود . وفي قوله : { إلى شَيَاطِينِهِمْ } ثلاثة أوجه : أحدها : معناه مع شياطينهم ، فجعل " إلى " موضع " مع " ، كما قال تعالى : { مَنْ أَنْصَارِي إلى اللهِ } [ آل عمران : 52 ] أي مع الله . والثاني : وهو قول بعض البصريين : أنه يقال خلوت إلى فلان ، إذا جعلته غايتك في حاجتك ، وخلوت به يحتمل معنيين : أحدهما : هذا . والآخر : السخرية والاستهزاء منه فعلى هذا يكون قوله : { وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ } أفصح ، وهو على حقيقته مستعمل . والثالث : وهو قول بعض الكوفيين : أن معناه إذا انصرفوا إلى شياطينهم فيكون قوله : { إلى } مستعملاً في موضع لا يصح الكلام إلا به . فأما الشيطان ففي اشتقاقه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه فيعال من شطن ، أي بَعُدَ ، ومنه قولهم : نوى شطون أي بعيدة ، وشَطَنَتْ دارُه ، أي بعدت ، فسمي شيطاناً ، إما لبعده عن الخير ، وإما لبعد مذهبه في الشر ، فعلى هذا النون أصلية . والقول الثاني : أنه مشتق من شاط يشيط ، أي هلك يهلك كما قال الشاعر : @ … وَقَدْ يَشِيطُ عَلَى أَرْمَاحِنَا البَطَلُ @@ أي يهلك ، فعلى هذا يكون النون فيه زائدة . والقول الفاصل : أنه فعلان من الشيط وهو الاحتراق ، كأنه سُمِّي بما يؤول إليه حاله . { قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ } أي على ما أنتم عليه من التكذيب والعداوة ، { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } أي ساخرون بما نظهره من التصديق والموافقة . قوله تعالى : { اللهُ يَسْتَهْزئُ بِهِمْ } فيه خمسة أوجه : أحدها : معناه أنه يحاربهم على استهزائهم ، فسمي الجزاء باسم المجازى عليه ، كما قال تعالى : { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْه بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } ، وليس الجزاء اعتداءً ، قال عمرو بن كلثوم : @ أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينا @@ والثاني : أن معناه أنه يجازيهم جزاء المستهزئين . والثالث : أنه لما كان ما أظهره من أحكام إسلامهم في الدنيا ، خلاف ما أوجبه عليهم من عقاب الآخرة ، وكانوا فيه اغترار به ، صار كالاستهزاء [ بهم ] . والرابع : أنه لما حسن أن يقال للمنافق : { ذُقْ إِنًّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } [ الدخان : 49 ] ، صار القول كالاستهزاء به . والخامس : ما حكي : أنهم يُفْتَح لهم باب الجحيم ، فيرون أنهم يخرجون منها ، فيزدحمون للخروج ، فإذا انتهوا إلى الباب ضربهم الملائكة ، بمقامع النيران ، حتى يرجعوا ، وهاذ نوع من العذاب ، وإن كان كالاستهزاء . قوله عز وجل : { وَيَمُدُّهُمْ في طُغْيانِهم يَعْمَهُونَ } وفي يمدهم تأويلان : أحدهما : يملي لهم ، وهو قول ابن مسعود . والثاني : يزيدهم ، وهو قول مجاهد .