Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 262-264)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { الَّذِينَ يُنِفقُونَ أَمْوَلَهُمْ في سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّاً وَلآَ أَذىً } المَنّ في ذلك أن يقول : أحسنت إليك ونعّشتك ، والأذى أن يقول : أنت أباداً فقير ، ومن أبلاني بك ، مما يؤذي قلب المُعْطَى . { لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } يعني ما استحقوه فيما وعدهم به على نفقتهم . { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيه تأويلان : أحدهما : لا خوف عليهم في فوات الأجر . والثاني : لا خوف عليهم في أهوال الآخرة . { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } يحتمل وجهين : أحدهما : لا يحزنون على ما أنفقوه . والثاني : لا يحزنون على ما خلفوه . وقيل إن هذه الآية نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه فيما أنفقه على جيش العسرة في غزاة تبوك . قوله تعالى : { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } يعني قولاً حسناً بدلاً من المن والأذى ويحتمل وجهين : أحدهما : أن يدني إن أعطى . والثاني : يدعو إن منع . { وَمَغْفِرَةٌ } فيها أربعة تأويلات : أحدها : يعني العفو عن أذى السائل . والثاني : يعني بالمغفرة السلامة من المعصية . والثالث : أنه ترك الصدقة والمنع منها ، قاله ابن بحر . والرابع : هو يستر عليه فقره ولا يفضحه به . { خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذىً } يحتمل الأذى هنا وجهين : أحدهما : أنه المنّ . والثاني : أنه التعيير بالفقر . ويحتمل قوله : { خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذىً } وجهين : أحدهما : خير منها على العطاء . والثاني : خير منها عند الله . رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " المنّانُ بِمَا يُعْطِي لاَ يُكَلِّمُهُ اللهُ يَوْمَ القَيَامَةِ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيهِ وَلاَ يُزَكِّيهِ وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ " . قوله تعالى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى } يريد إبطال الفضل دون الثواب . ويحتمل وجهاً ثانياً : إبطال موقعها في نفس المُعْطَى . { كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الأَخِرِ } القاصد بنفقته الرياء غير مُثَابٍ ، لأنه لم يقصد وجه الله ، فيستحق ثوابه ، وخالف صاحب المَنِّ والأذى القاصِدَ وجه الله المستحق ثوابه ، وإن كرر عطاءَه وأبطل فضله . ثم قال تعالى : { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ } الصفوان : جمع صفوانة ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه الحجر الأملس سُمِّيَ بذلك لصفائه . والثاني : أنه أَلْيَنُ مِنَ الحجارة ، حكاه أبان بن تغلب . { فَأَصَابَهُ وَابِلٌ } وهو المطر العظيم القَطْرِ ، العظيم الوَقْع . { فَتَرَكَهُ صَلْداً } الصلد من الحجارة ما صَلُبَ ، ومن الأرض مَا لَمْ ينبت ، تشبيهاً بالحجر الذي لا ينبت . { لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ } يعني مما أنفقوا ، فعبَّر عن النفقة بالكسب ، لأنهم قصدوا بها الكسب ، فضرب هذا مثلاً للمُرَائِي في إبطال ثوابه ، ولصاحب المَنِّ والأَذَى في إبطال فضله .