Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 42-43)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَلاَ تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِل } بعني لا تخلطوا الْحَقَّ بالباطلِ ، واللبس خلط الأمور ، وفيه قوله تعالى : { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } [ الأنعام : 9 ] قال ابن عباسٍ : معناه : ولخلطنا عليهم ما كانوا يخلطون ، ومنه قول العجاج : @ لَمَّا لَبَسْنَ الْحَقَّ بِالتَّجَنِّي غَنِينَ واسْتَبْدَلْنَ زَيْداً مِنِّي @@ وفي قوله : { الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : الصدق ، وهو قول ابن عباس . والثاني : اليهودية والنصرانية بالإسلام ، وهو قول مجاهد . والثالث : الحقُّ : التوراةُ التي أُنْزِلَتْ على موسى ، والباطلُ : الذي كتبوه بأيديهم . وقوله تعالى : { وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ } يعني محمداً ، ومعرفة نبوَّته ، { وَاَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أنه في الكتب التي بأيديكم ، وهذا قول الجميع . قوله تعالى : { وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } . أما الصلاة : فقد مضى الكلام فيها . وأما الزكاة : ففي تسمية صدقة الأموال بها ، قولان : أحدهما : أنه من تثمير المال وزيادته ، ومنه قولهم : زَكا الزرع ، إذا زاد ، ويقال : زكا الفرد إذا صار زوجاً بزيادة الزائد عليه حتى صار شفعاً كما قال الشاعِرُ : @ كَانُوا خَساً أَوْ زَكاً مِنْ دُونِ أَرْبَعَةٍ لَمْ يُخْلَقُوا وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلِج @@ فخساً : الوِتر ، وزكاً : الشفع ، وقال الراجز : @ فَلاَ خَساً عَدِيدُهُ وَلاَ زَكاً كَمَا شِرَارُ الْبَقْلِ أَطْرَافُ السَّفَا @@ السَّفَا : شوك البهمي ، والبهمي : الشوك الممدود مثل السبلى . والقول الثاني : أنَّها مأخوذة من التطهير ، ومنه قوله تعالى : { أَقَتَلْتَ نَفَساً زَاكِيَةً } [ الكهف : 74 ] أي طاهرة من الذنوب . وفيما يُطهَّر قولان : أحدهما : أنه تطهير المال حتى صار بأداء الحقِّ منه حلالاً ولولاه لخَبُثَ . الثاني : تطهير نفس المزكي ، فكأن المزكي طهَّر نفسه من الشُحِّ والبخل . قوله تعالى : { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } فيه قولان : أحدهما : أنه أراد جملة الصلاة ، فعبر عنها بالركوع ، كما يقول الإنسان : فَرَعْتُ من ركوعي ، أي من صلاتي . والثاني : أنه أراد الركوع الذي في الصلاة ، لأنه لم يكن في صلاة أهل الكتاب ركوعٌ ، فأَمَرَهُم بما لا يفعلونه في صلاتهم . وفي أصل الركوع قولان : أحدهما : أنه مأخوذ من التطامن والانحناء ، وهو قول الخليل ، وابن زيدٍ ، قال لبيد بنُ ربيعة : @ أخبّر أخبار القرون التي مضت أدِبُّ كَأَنِّي كُلَّمَا قُمْتُ رَاكِعُ @@ والثاني : أنه مأخوذ من المذلَّة والخضوع ، وهو قول الأصمعي والمفضل ، قال الأضبطُ بنُ قريع السَّعْدِيُّ :