Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 45-47)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ } : أما الصبر : فهو حبس النفس عما تُنازع إليه ، ومنه صبر صاحب المصيبة ، أن يحبس نفسه عن الجزع ، وسُمِّي الصوم صبراً لحبس النفس عن الطعام والشراب ، ولذلك سُمِّي شهرُ رمضانَ شهر الصبرِ ، وجاء في الحديث : " اقْتُلُوا الْقَاتِلَ ، وَاصْبِرُوا الصَّابِرَ " وذلك فيمن أمسك رجلاً حتى قتله آخر ، فأمر بقتل القاتل ، وحبس الممسك . وفي الصبر المأمور به ، قولان : أحدهما : أنه الصبرُ على طاعته ، والكف عن معصيته . والثاني : أنه الصوم ، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَهُ أمرٌ استعان بالصلاة والصيام ، ورُويَ أنه رأى سلمان منبطحاً على وجهه ، فقال له : أشكو من بردٍ . قال : " قم فصلِّ الصلاة تُشْفَ " . وأما قوله تعالى : { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ على الْخَاشِعِينَ } ففيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يعني : وإن الصلاة لثقيلة إلا على المؤمنين ، لعود الكناية إلى مؤنثِ اللفظِ . والثاني : يعني الصبر والصلاة ، فأرادهما ، وإن عادت الكناية إلى الصلاة ؛ لأنها أقرب مذكور ، كما قال الشاعِرُ : @ فَمَنْ يَكُ أَمْسَى في الْمَدِينَةِ رَحْلُهُ فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ @@ والثالث : وإن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم لشديدة إلا على الخاشعين . والخشوع في الله : التواضع ، ونظيره الخضوع ، وقيل : إن الخضوع في البدن ، والخشوعَ في الصوت ، والبصر . قوله تعالى : { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو ربِّهِمْ } فيه تأويلان : أحدهما : يظنون أنهم ملاقو ربهم بذنوبهم ، لإشفاقهم من المعاصي التي كانت منهم . والثاني : وهو قول الجمهور : أن الظن ها هنا اليقين ، فكأنه قال : الذين يَتَيَقَّنُون أنهم ملاقو ربهم ، وكذلك قوله تعالى : { إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّي مُلاَقٍ حسَابِيَهْ } أي تيقَّنت ، قال أبو داود : @ رُبَّ هَمٍّ فَرَّجْتَهُ بِغَرِيمٍ وَغُيوبٍ كَشَفْتَهَا بِظُنُونِ @@ { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أنه أراد بالرجوع الموت . والثاني : أنهم راجعون بالإعادة في الآخرة ، وهو قول أبي العالية . والثالث : راجعون إليه ، أي لا يملك أحد لهم ضرّاً ولا نفعاً غيره كما كانوا في بدءِ الخلق .