Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 18-20)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } في هذه الشهادة من الله ثلاثة أقاويل : أحدها : بمعنى قضى الله أنه لا إله إلا هو . والثاني : يعني بَيَّنَ الله أنه لا إله إلا هو . والثالث : أنها الشهادة من الله بأنه لا إله إلا هو . ويحتمل أمرين : أحدهما : أن يكون معناها الإِخبار بذلك ، تأكيداً للخبر بالمشاهدة ، كإخبار الشاهد بما شاهد ، لأنه أوكد للخبر . والثاني : أنه أحدث من أفعاله المشاهدة ما قامت مقام الشهادة بأن لا إله إلا هو ، فأما شهادة الملائكة وأولي العلم ، فهي اعترافهم بما شاهدوه من دلائل وحدانيته . { قَآئِماً بِالْقِسْطِ } أي بالعدل . ويحتمل قيامه بالعدل وجهين : أحدهما : أن يتكفل لهم بالعدل فيهم ، من قولهم قد قام فلان بهذا الأمر إذا تكفل به ، فيكون القيام بمعنى الكفالة . والثاني : معناه أن قيام ما خلق وقضى بالعدل أي ثباته ، فيكون قيامه بمعنى الثبات . قوله عز وجل : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ } فيه وجهان : أحدهما : أن المتدين عند الله بالإِسلام من سلم من النواهي . والثاني : أن الدين هنا الطاعة ، فصار كأنه قال : إن الطاعة لله هي الإِسلام . وفي أصل الإسلام قولان : أحدهما : أن أصله مأخوذ من السلام وهو السلامة ، لأنه يعود إلى السلامة . والثاني : أن أصله التسليم لأمر الله في العمل بطاعته . { وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } في أهل الكتاب الذين اختلفوا ثلاثة أقاويل : أحدها : أنهم أهل التوراة من اليهود ، قاله الربيع . والثاني : أنهم أهل الإِنجيل من النصارى ، قاله محمد بن جعفر بن الزبير . والثالث : أنهم أهل الكتب كلها ، والمراد بالكتاب الجنس من غير تخصيص ، وهو قول بعض المتأخرين . وفيما اختلفوا فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : في أديانهم بعد العلم بصحتها . والثاني : في عيسى وما قالوه فيه من غلو وإسراف . والثالث : في دين الإِسلام . وفي قوله تعالى : { بَغْياً بَيْنَهُمْ } وجهان : أحدهما : طلبهم الرياسة . والثاني : عدولهم عن طريق الحق . قوله عز وجل : { فَإِنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ : أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ } الآية . فيه وجهان : أحدهما : أي أسلمت نفسي ، ومعنى أسلمت : انقدت لأمره في إخلاص التوحيد له . والثاني : أن معنى أسلمت وجهي : أخلصت قصدي إلى الله في العبادة ، مأخوذ من قول الرجل إذا قصد رجلاً فرآه في الطريق هذا وجهي إليك ، أي قصدي . { وَالأُمِّيِّينَ } هم الذين لا كتاب لهم ، مأخوذ من الأمي الذي لا يكتب ، قال ابن عباس : هم مشركو العرب . { ءَأَسْلَمْتُمْ } هو أمر بالإِسلام على صورة الاستفهام . فإن قيل : في أمره تعالى عند حِجَاجِهمْ بأن يقول : { أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ } عدول عن جوابهم وتسليم لحِجَاجِهم ، فعنه جوابان : أحدهما : ليس يقتضي أمره بهذا القول النهي عن جوابهم والتسليم بحِجَاجِهم ، وإنما أمره أن يخبرهم بما يقتضيه معتقده ، ثم هو في الجواب لهم والاحْتِجَاج على ما يقتضيه السؤال . والثاني : أنهم ما حاجُّوه طلباً للحق فيلزمه جوابهم ، وإنما حاجُّوه إظهاراً للعناد ، فجاز له الإِعراض عنهم بما أمره أن يقول لهم .