Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 72-73)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إنَّا عرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَالِجبَالِ } فيها خمسة أقاويل : أحدها : أن هذه الأمانة هي ما أمر الله سبحانه من طاعته ونهى عن معصيته ، قاله أبو العالية . الثاني : أنها القوانين والأحكام التي أوجبها الله على العباد وهو قريب من الأول ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وابن جبير . الثالث : هي ائتمان الرجال والنساء على الفروج ، قاله أبي . وقيل إن أول ما خلق الله من آدم الفرج فقال : " يَا آدَمُ هَذِهِ أَمَانَةٌ خَبَّأْتُهَا عِندَكَ فلاَ تَلبِسْها إِلاَّ بِحَقٍ فإن حَفِظْتَهَا حَفِظْتُكَ " . الرابع : أنها الأمانات التي يأتمن الناس بعضهم بعضاً عليها وأولها ائتمان آدم ابنه قابيل على أهله ، وولده حين أراد التوجه إلى أمر ربه فخان قابيل الأمانة في قتل أخيه هابيل ، قاله السدي . الخامس : أن هذه الأمانة هي ما أودعه الله في السموات والأرض والجبال والخلق من الدلائل على ربوبيته أن يظهرونها فأظهروها إلا الإنسان فإنه كتمها وجحدها قاله بعض المتكلمين . وفي عرض هذه الأمانة ثلاثة أقاويل : أحدها : أن عرضها هو الأمر بما يجب من حفظها وعظم المأثم في تضييعها . قاله بعض المتكلمين . الثاني : الأمانة عورضت بالسموات والأرض والجبال فكانت أثقل منها لتغليظ حكمها فلم تستقل بها وضعفت عن حملها ، قاله ابن بحر . الثالث : أن الله عرض حملها ليكون الدخول فيها بعد العلم بها . واختلف قائلو هذا على وجهين : أحدهما : أنها عرضت على السموات والأرض والجبال ، قاله ابن عباس ، ومجاهد . الثاني : أنها عرضت على أهل السموات وأهل الأرض وأهل الجبال من الملائكة قاله الحسن . { فَأَبَينَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأشْفَقْنَ مِنْهَا } يحتمل وجهين : أحدهما : أَبَينَ أن يحملنها عجزاً وأشفقن منها خوفاً . الثاني : أبين أن يحملنها حذراً وأَشْفَقْنَ منها تقصيراً . { وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ } فيه قولان : أحدهما : جميع الناس ، قاله ثعلب . الثاني : أنه آدم ثم انتقلت منه إلى ولده ، قاله الحسن . روي عن معمر عن الحسن أن الأمانة لما عرضت على السموات والأرض والجبال قالت : وما فيها ؟ قيل لها : إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت فقالت : لا . قال مجاهد : فلما خلق الله آدم عرضها عليه قال : وما هي ؟ قال : { إن أَحْسَنْتَ آجَرْتُكَ وَإنْ أَسَأْتَ عَذَّبْتُكَ } قال تحملتها يا رب . قال مجاهد : فما كان بين أن تحملها إلى أن خرج من الجنة إلا قدر ما بين الظهر والعصر . { إنَّهُ كَنَ ظَلُوماً جَهُولاً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : ظلوماً لنفسه ، جهولاً بربه ، قاله الحسن . الثاني : ظلوماً في خطيئته ، جهولاً فيما حَمَّلَ ولده من بعده ، قاله الضحاك . الثالث : ظلوماً لحقها ، قاله قتادة . جهولاً بعاقبة أمره ، قاله ابن جريج . قوله : { لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ } فيه قولان : أحدهما : أنه يعذبهم بالشرك والنفاق وهو معنى قول مقاتل . الثاني : بخيانتهما الأمانة . قال الحسن : هما اللذان ظلماها ، واللذان خاناها : المنافق ، والمشرك . { وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } أي يتجاوز عنه بأداء الأمانة والوفاء بالميثاق . { وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } لمن تاب من شِرْكه { رَحِيماً } بالهداية إلى طاعته ، والله أعلم .