Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 31-32)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِن عِبَادِنَا } فيه وجهان : أحدهما : أن الكتاب هو القرآن ، ومعنى الإرث انتقال الحكم إليهم . الثاني : أن إرث الكتاب هو الإيمان بالكتب السالفة لأن حقيقة الإرث انتقال الشيء من قوم إلى قوم . وفي { الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبادِنَا } ثلاثة أقاويل : أحدها : أنهم الأنبياء ، حكاه ابن عيسى . الثاني : أنهم بنو إسرائيل لقوله عز وجل : { إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً } [ آل عمران : 33 ] الآية . قاله ابن بحر . الثالث : أمة محمد صلى الله عليه وسلم . قاله الكلبي . { فَمِنْهُمْ ظَالِِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ } فيه وجهان : أحدهما : أن قوله : { فَمِنْهُمْ ظَالِِمٌ لِّنَفْسِهِ } كلام مبتدأ لا يرجع إلى المصطفين ، وهذا قول من تأول المصطفين الأنبياء ، فيكون من عداهم ثلاثة أصناف على ما بينهم . الثاني : أنه راجع إلى تفصيل أحوال الذين اصطفينا ، ومعنى الاصطفاء الاختيار وهذا قول من تأول المصطفين غير الأنبياء ، فجعلهم ثلاثة أصناف . فأما الظالم لنفسه ها هنا ففيه خمسة أوجه : أحدها : أنهم أهل الصغائر من هذه الأمة ، روى شهر بن حوشب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سابقنا سابق ، ومقتصدنا ناج ، وظالمنا مغفور له . الثاني : أنهم أهل الكبائر وأصحاب المشأمة ، قاله السدي . الثالث : أنهم المنافقون وهم مستثنون . الرابع : أنهم أهل الكتاب ، قاله الحسن . الخامس : أنه الجاحد ، قاله مجاهد . وأما المقتصد ففيه أربعة أقاويل : أحدها : أنه المتوسط في الطاعات وهذا معنى حديث أبي الدرداء ، روى ابراهيم عن أبي صالح عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية فقال : " أَمَّا السَّابِقُ فَيدْخُلُ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ، وَأَمَّا المُقْتَصِدُ فَيُحَاسَب حِسَاباً يَسِيراً ، وَأمَّا الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ فِيُحْصَرُ فِي طُولِ الحِبْسِ ثُمَّ يَتَجَاوَزُ اللَّهُ عَنهُ " الثاني : أنهم أصحاب اليمين ، قاله السدي . الثالث : أنهم أصحاب الصغائر وهو قول متأخر . الرابع : أنهم الذين اتبعوا سنن النبي صلى الله عليه وسلم من بعده ، قاله الحسن . { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : أنهم المقربون ، قاله مجاهد . الثاني : أنهم المستكثرون من طاعة الله تعالى ، وهو مأثور . الثالث : أنهم أهل المنزلة العليا في الطاعات ، قاله علي بن عيسى . الرابع : أنه من مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالجنة . روى عقبة بن صهبان قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن هذه الآية فقالت : كلهم من أهل الجنة ، السابق من مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالحياة والرزق ، والمقتصد من اتبع أثره حتى لحق به ، والظالم لنفسه مثلي ومثلك ومن اتبعنا .