Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 55-64)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { هذا فليذوقوه حميمٌ وغساق } أي منه حميم ومنه غساق والحميم الحار ، وفي الغساق ستة أوجه : أحدها : أنه البارد الزمهرير ، قاله ابن عباس فكأنهم عذبوا بحارّ التراب وبارده . الثاني : أنه القيح الذي يسيل من جلودهم ، قاله عطية . الثالث : أنه دموعهم التي تسيل من أعينهم ، قاله قتادة . الرابع : أنها عين في جهنم تسيل إليها حِمة كل ذي حِمة من حية أو عقرب ، قاله كعب الأحبار . الخامس : أنه المنتن ، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً . السادس : أنه السواد والظلمة وهو ضد ما يراد من صفاء الشراب ورقته ، قاله ابن بحر . وفي هذا الاسم وجهان : أحدهما : حكاه النقاش أنه بلغة الترك . الثاني : حكاه ابن بحر وابن عيسى أنه عربي مشتق واختلف في اشتقاقه على وجهين : أحدهما : من الغسق وهو الظمة ، قاله ابن بحر . الثاني : من غسقت القرحة تغسق غسقاً . إذا جرت ، وأنشد قطرب قول الشاعر : @ فالعين مطروقة لبينهم تغسق في غربة سرها @@ وإليه ذهب ابن عيسى . وفي { غساق } قراءتان بالتخفيف والتشديد وفيها وجهان : أحدهما : أنهما لغتان معناهما واحد ، قاله الأخفش . الثاني : معناهما مختلف والمراد بالتخفيف الاسم وبالتشديد الفعل وقيل إن في الكلام تقديماً وتأخيراً ، وتقديره : هذا حميم وهذا غساق فليذوقوه . قوله عز وجل : { وآخر مِنْ شكله أزواج } فيه ثلاثة أوجه : أحدهما : وآخر من شكل العذاب أنواع ، قاله السدي . الثاني : وآخر من شكل عذاب الدنيا أنواع في الآخرة لم تر في الدنيا ، قاله الحسن . الثالث : أنه الزمهرير ، قاله بن مسعود . وفي الأزواج هنا ثلاثة أوجه : أحدها : أنواع . الثاني : ألوان . الثالث : مجموعة . قوله عز وجل : { هذا فوج مقتحم معكم … } فوج بعد فوج أي قوم بعد قوم ، مقتحمون النار أي يدخلونها . وفي الفوج قولان : أحدهما : أنهم بنو إبليس . والثاني : بنو آدم ، قاله الحسن . والقول الثاني : أن كلا الفوجين بنو آدم إلى أن الأول الرؤساء والثاني الأتباع . وحكىالنقاش أن الفوج الأول قادة المشركين ومطعموهم يوم بدر ، والفوج الثاني أتباعهم ببدر . وفي القائل { هذا فوجٌ مقتحم معكم } قولان : أحدهما : الملائكة قالوا لبني إبليس لما تقدموا في النار هذا فوج مقتحم معكم إشارة لبني آدم حين دخلوها . قال بنو إبليس { لا مرحَباً بهم إنهم صالوا النار قالوا } أي بنو آدم : { بل أنتم لا مرحباً بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار } . والقول الثاني : أن الله قال للفوج الأول حين أمر بدخول الفوج الثاني : { هذا فوج مقتحم معكم } فأجابوه { لا مرحباً بهم إنهم صالوا النار } فأجابهم الفوج الثاني { بل أنتم مرحباً بكم أنتم قدمتموه لنا } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : معناه أنتم شرعتموه لنا وجعلتم لنا إليه قدماً ، قاله الكلبي . الثاني : قدمتم لنا هذا العذاب بما أضللتمونا عن الهدى { فبئس القرار } أي بئس الدار النار ، قاله الضحاك . الثالث : أنتم قدمتم لنا الكفر الذي استوجبنا به هذا العذاب في النار ، حكاه ابن زياد . { قالوا ربنا من قدم لنا هذا } الآية . يحتمل وجهين : أحدهما : أنه قاله الفوج الأول جواباً للفوج الثاني . الثاني : قاله الفوج تبعاً لكلامهم الأول تحقيقاً لقولهم عند التكذيب . وفي تأويل { من قدم لنا هذا } وجهان : أحدهما : من سنه وشرعه ، قاله الكلبي . الثاني : من زينه ، قاله مقاتل . والمرحب والرحب : السعة ومنه سميت الرحبة لسعتها ومعناه لا اتسعت لكم أماكنكم ؛ وأنشد الأخفش قول أبي الأسود . @ اذا جئت بوّاباً له قال مرحباً ألا مَرْحباً واديك غير مضيق @@ قوله عز وجل : { وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً … } الآية . قال مجاهد هذا يقوله أبو جهل وأشياعه في النار : ما لنا لا نرى رجلاً كنا نعدهم في الدنيا من الأشرار لا نرى عماراً وخباباً وصهيباً وبلالاً . { أتخذناهم سخرياً } قال مجاهد اتخذناهم سخرياً في الدنيا فأخطأنا . { أم زاغت عنهم الأبصار } فلم نعلم مكانهم . قال الحسن : كل ذلك قد فعلوا اتخذوهم سخريا وزاغت عنهم أبصارهم محقرة لهم . وقال أبو عبيدة من كسر { سخرياً } جعله من الهزء ، ومن ضمه جعله من التسخير { أم زاغت عنهم الأبصار } يعني أهم معنا في النار أم زاغت أبصارنا فلا نراهم وإن كانوا معنا .