Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 23-24)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } إلى قوله : { إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : والمحصنات من النساء يعني ذوات الأزواج إلا ما ملكت أيمانكم بالسبي ، وهذا قول علي ، وابن عباس ، وأبي قلابة ، والزهري ، ومكحول ، وابن زيد . وقد روى عثمان البَتّي عن أبي خليل عن أبي سعيد الخدري قال : لما سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس ، قلنا : يا نبي الله كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن ؟ قال : فنزلت هذه الآية { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } . والثاني : أن المحصنات ذوات الأزواج حرام على غير أزواجهن إلا ما ملكت أيمانكم من الإِماء ، إذا اشتراها مشترٍ بطل نكاحها وحلت لمشتريها ويكون بيعها طلاقها ، وهذا قول ابن مسعود ، وأُبي بن كعب ، وجابر بن عبد الله ، وأنسٍ ابن مالك ، وابن عباس في رواية عكرمة عنه وسعيد بن المسيب ، والحسن ، قال الحسن : طلاق الأَمة يثبت نسبها ، وبيعها ، وعتقها ، وهبتها ، وميراثها ، وطلاق زوجها . الثالث : أن المحصنات من النساء العفائف إلا ما ملكت أيمانكم بعقد النكاح ، أو ملك اليمين ، وهذا قول عمر ، وسعيد بن جبير ، وأبي العالية ، وعبيدة السلماني ، وعطاء ، والسدي . والرابع : أن هذه الآية نزلت في نساءٍ كُنَّ هَاجَرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهن أزواج ، فتزوجهن المسلمون ، ثم قدم أزواجهن مهاجرين ، فنهي المسلمون عن نكاحهن ، وهذا قول أبي سعيد الخدري . وأصل الإِحصان المنع ، ومنه حصن البلد ، لأنه يمنع من العدو ، ودرع حصينة أي منيعة ، وفرس حَصان ، لأن صاحبه يمتنع به من الهلكة ، وامرأة حصان ، وهي العفيفة لأنها تمتنع من الفاحشة ، ومنه { وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } [ التحريم : 12 ] . { كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن معناه : حرم ذلك عليكم كتاباً من الله . والثاني : معناه ألزموا كتاب الله . والثالث : أن كتاب الله قيم عليكم فيما تستحلِّونه وتحرمونه . { وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَلِكُمْ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أن معناه ما دون الخمس ، وهو قول السدي . والثاني : ما وراء ذوات المحارم من أقاربكم ، وهو قول عطاء . والثالث : ما وراء ذلكم مما ملكت أيمانكم ، وهو قول قتادة . { أّن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم } يعني أن تلتمسوا بأموالكم إما شراء بثمن ، أو نكاحاً بصداق . { مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } يعني متناكحين غير زانين ، وأصل السفاح صب الماء ، ومنه سَفَح الدمع إذا صبَّه ، وسَفْح الجبل أسفله لأنه مصب الماء فيه ، وسِفَاح الزنى لصب مائه حراماً . { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } أي آتوهن صدقاتهن معلومة ، وهذا قول مجاهد ، والحسن ، وأحد قولي ابن عباس . والقول الثاني : أنها المتعة إلى أجل مسمى من غير نكاح ، قال ابن عباس كان في قراءة أُبيّ : { فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى } ، وكان ابن عباس كذلك يقرأ ، وسعيد بن جبير ، وهذا قول السدي ، وقال الحكم : قال عليّ : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ، وهذا لا يثبت ، والمحكي عن ابن عباس خلافه ، وأنه تاب من المتعة وربا النقد . { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : معناه لا حرج عليكم أيها الأزواج إن أعسرتم بعد أن فرضتم لِنِسَائكم مهراً عن تراض أن ينقصنكم منه ويتركنكم ، وهذا قول سليمان بن المعتمر . والثاني : لا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضتيم أنتم والنساء اللواتي استمتعتم بهن إلى أجل مسمى ، إذا انقضى الأجل بينكم أن يزدنكم في الأجل وتزيدوهن في الأجر قبل أن يستبرئن أرحامهن ، وهذا قول السدي . والثالث : لا جناح عليكم فيما تراضيتم به ودفعتموه أن يعود إليكم عن تراض ، وهذا قول ابن عباس . { إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : كان عليماً بالأشياء قبل خلقها ، حكيماً في تقديره وتدبيره لها ، وهذا قول الحسن . والثاني : أن القوم شاهدواْ عِلماً وحكمة فقيل لهم إن كان كذلك لم يزل ، وهذا قول سيبويه . والثالث : أن الخبر عن الماضي يقوم مقام الخبر عن المستقبل وهذا مذهب الكوفيين .